للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترتضى الشيعة إمامهم. ومن ثمّ يقابل عبد الملك فى ترتيب هؤلاء الخلفاء القدح السابع بين القداح وهو المعلى، وقد صرح بذلك فى مدحة له أخرى، إذ يقول

وكان الخلائف بعد الرسو ... ل لله كلهم تابعا

شهيدان من بعد صدّيقهم ... وكان ابن حرب لهم رابعا (١)

وكان ابنه بعده خامسا ... مطيعا لمن قبله سامعا

ومروان سادس من قد مضى ... وكان ابنه بعده سابعا

وعلى هذا النحو لم يتخلّ عن عقيدته فى مديحه لعبد الملك. وربما كان عمر بن عبد العزيز أهم من أخلص له فى مديحه لبنى أمية، وهو إخلاص مرجعه فى رأينا إلى موقفه من آل البيت فإنه بالغ فى إكرامهم ومنع عماله منعا باتّا من سبّهم على المنابر، وكان صالحا تقيّا، وفيه يقول كثيّر مشيرا إلى هذه المكرمة:

وليت فلم تشتم عليّا ولم تخف ... بربّا ولم تقبل إشارة مجرم

وصدّقت بالفعل المقال مع الذى ... أتيت فأمسى راضيا كلّ مسلم

وقد لبست لبس الهلوك ثيابها ... تراءى لك الدّنيا بكفّ ومعصم (٢)

وتومض أحيانا بعين مريضة ... وتبسم عن مثل الجمان المنظّم (٣)

فأعرضت عنها مشمئزّا كأنما ... سقتك مدوفا من سمام وعلقم (٤)

تركت الذى يفنى وإن كان مونقا ... وآثرت ما يبقى برأى مصمّم

وأضررت بالفانى وشمّرت للذى ... أمامك فى يوم من الهول مظلم

والحق أن كثيرا ظل مخلصا لعقيدته الشيعية، وهو إخلاص لا يقف عند إشادته بابن الحنفية ووصفه بأنه مهدىّ أو وصىّ، أوصى له على، بل يتجاوز ذلك إلى استشعاره ما كان يؤمن به الكيسانية من رجعة أئمتهم بعد


(١) الشهيدان: عمر وعثمان. الصديق: أبو بكر. ابن حرب: معاوية.
(٢) الهلوك: المرأة تشغف بالرجال.
(٣) الجمان: اللؤلؤ.
(٤) المدوف: المخلوط. السمام: جمع سم.

<<  <  ج: ص:  >  >>