للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرسى وحمامات بيضاء تمويها على جنده (١). ويدال للبصرة من الكوفة، ويفتخر البصريون بانتصارهم، فيغضب لبلدته، ويتوجه إليهم بالخطاب قائلا:

وإذا فاخرتمونا فاذكروا ... ما فعلنا بكم يوم الجمل (٢)

ونراه يخرج مع جيوش مصعب لحرب الخوارج محاربا تحت لواء المهلب وغيره من القواد أمثال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. ويظهر أنه ظل يشهر سيفه ضدهم حتى عهد بشر بن مروان على العراق إذ نراه فى موقعة جلولاء، وقد انتصر الخوارج، فمضى يهجو قائد الحملة هجاء مرا. ويتولى خالد بن عتاب بن ورقاء أصبهان، وكان صديقه، فيمدحه مدائح رائعة، غير أنه يجفوه، فيهجوه. ونراه فى شعره يتحدث عن طلاقه لامرأة من قومه بسبب بذائها، ويشكو من أخرى تنكرها له، مع شغفه بها.

ويبعث به الحجاج مع بعض جيوشه إلى مكران، فيمرض هناك، وينظم قصيدة طويلة يصور فيها حنينه إلى بلدته وأهله وأنه خرج إلى الحرب على رغمه، خوفا من سيف الحجاج وبطشه. ويتوغل مع بعوث الحجاج فى بلاد الديلم، فيقع أسيرا، وتهواه بنت للعلج الذى أسره وتحلّ قيوده، وتأخذ به طرقا تعرفها، وبذلك تخلّصه وتهرب معه. ويظهر أنه لم يولّ وجهه إلى العراق، بل اتجه إلى سجستان حيث كان ينازل عبيد الله بن أبى بكرة زنبيل ملك الترك، ولما دارت على جيشه الدوائر بكى هذا الجيش مضمنا بكاءه هجاء شديدا لابن أبى بكرة سواء فى قيادته غير الحكيمة أو فى إهداره لمسئولياته، إذ انتهز ما كان فيه جيشه من ضيق، فباع القفيز من الشعير بدرهم، كما باع لهم العنب الحصرم، وهم يتساقطون جوعا، يقول:

أسمعت بالجيش الذين تمزّقوا ... وأصابهم ريب الزمان الأعوج

حبسوا بكابل يأكلون جيادهم ... بأضرّ منزلة وشرّ معرّج (٣)

لم يلق جيش فى البلاد كما لقوا ... فلمثلهم قل للنوائح تنشج


(١) انظر الطبرى ٤/ ٥٥٠، ٥٦١، ٥٦٥.
(٢) يشير إلى وقعة الجمل وانتصار على فيها بأهل الكوفة على أهل البصرة.
(٣) كابل: قصبة زنبيل ملك الترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>