للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبجانب هؤلاء الشعراء كثيرون كانوا لا ينقطعون لبنى أمية، ولكنهم كانوا يمدحونهم من حين إلى حين، منوهين بأن الأمة لا تصلح إلا عليهم، ولا تتم لها سعادتها إلا بهم، وكانوا لا يزالون يقولون إنهم المختارون للأمة على شاكلة قول الأحوص فى الوليد بن عبد الملك (١):

تخيّره ربّ العباد لخلقه ... وليّا وكان الله بالناس أعلما

وقد يصعدون بهم فيشهونهم بالأنبياء، يقول يزيد بن الحكم فى سليمان (٢):

سمّيت باسم امرئ أشبهت شيمته ... عدلا وفضلا سليمان بن داودا

أحمد به فى الورى الماضين من ملك ... وأنت أصبحت فى الباقين محمودا

وكان فى زهد عمر بن عبد العزيز مدد لهم لا ينفد فى تصوير تقواه وانصرافه عن الدنيا ومتاعها الزائل على نحو ما أسلفنا عند كثيّر، ويقول العبلى فى هشام بن عبد الملك وأسلافه (٣):

يقطعون النهار بالرأى والحز ... م ويحيون ليلهم بالسجود

والغريب أن نجد هذا التصوير يمتدّ حتى إلى من عرفوا منهم بالمجون مثل الوليد بن يزيد، وفيه يقول يزيد بن ضبّة (٤):

إمام يوضح الحقّ ... له نور على نور

ولما اضطربت الدولة فى عهده وعهد خلفائه، وأخذوا يحتربون ويقتل بعضهم بعضا، وبدت فى الأفق النّذر بزوال حكمهم كتب نصر بن سيار واليهم على خراسان إلى يزيد بن عمر بن هبيرة واليهم على العراق يستنصره وينبئه عن تحرك الشيعة فى دياره قائلا (٥):

أرى خلل الرّماد وميض جمر ... فيوشك أن يكون له اضطرام

فقلت من التعجب ليت شعرى ... أأيقاظ أميّة أم نيام

فإن كانوا لحينهم نياما ... فقل قوموا فقد طال المنام


(١) أغانى (دار الكتب) ١/ ٢٩٨.
(٢) أغانى (دار الكتب) ١٢/ ٢٨٨.
(٣) أغانى ١١/ ٣٠٦.
(٤) انظر ترجمته فى الأغانى ٧/ ٩٥ وما بعدها.
(٥) البيان والتبيين ١/ ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>