للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزل كثير فى زوجته عثمة بعد طلاقه لها يصور فيها حبه وندمه وألمه من مثل قوله:

لعمرى لئن شطّت بعثمة دارها ... لقد كدت من وشك الفراق أليح (١)

أروح بهمّ ثم أغدو بمثله ... ويحسب أنى فى الثياب صحيح

ومن طريف ما يلقانا فى هذا الحب العذرى بكاء المعشوقات لمن حرموا منهن، وماتوا على حبهن، ولعل أكثرهن بكاء على معشوقها ليلى (٢) الأخيلية الخفاجية العامرية، وكان قد تعلق بها من قومها فتى شاعر شجاع يسمى توبة ابن الحميّر، وشغف بها شغفا، والتاع قلبه، وهام بها هياما شديدا، حتى ليقول:

ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت ... علىّ ودونى تربة وصفائح

لسلّمت تسليم البشاشة أوزقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح (٣)

وظل يلهج باسمها إلى أن قتل فى بعض الغارات سنة ٨٥ للهجرة فبكته ليلى بقصائد كثيرة تصوّر ما أوقده فى فؤادها من جذوة الحب، من مثل قولها:

أيا عين بكّى توبة بن حميّر ... بسحّ كفيض الجدول المتفجّر

لتبك عليه من خفاجة نسوة ... بماء شئون العيرة المتحدّر

وقولها:

وآليت لا أنفك أبكيك ما دعت ... على فنن ورقاء أو طار طائر

وكل شباب أو جديد إلى بلى ... وكل امرئ يوما إلى الله صائر


(١) أليح: أشفق وأجزع.
(٢) انظر فى ليلى الأخيلية وأخبارها مع توبة ترجمتها فى الأغانى (طبع دار الكتب) ١١/ ٢٠٤ وما بعدها والشعر والشعراء ١/ ٤١٦ والأمالى للقالى ١/ ٨٦ وما بعدها.
(٣) زقا: ضاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>