للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شغفه بها، وأخذ ينظم الأشعار فيها. ثم رأى أن يغزو فى طبرستان لعله ينساها، فخرج وذكراها لا تفارقه حتى قتل فى غزوة واسمها على شفتيه، ومن قوله فى عينية له بديعة:

وأذكر أيّام الحمى ثم أنثنى ... على كبدى من خشية أن تصدّعا

ومنهم كثيّر عزّة، وقد مضت ترجمته، وذو الرمة وسنترجم له فى شعراء الطبيعة. ويدخل فيهم جماعة من أتقياء مكة والمدينة، على رأسهم عبد الرحمن ابن أبى عمّار الجشمى وعروة بن أذينة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وكان عبد (١) الرحمن من نسّاك مكة، ولقب بالقسّ لنسكه، وتصادف أن استمع يوما إلى سلاّمة، فشغف بها، وشاع ذلك، فلقبها الناس بلقبه وسموها سلامة القسّ، وفيها يقول:

سلاّم هل لى منكم ناصر ... أم هل لقلبى عنكم زاجر

قد سمع الناس بوجدى بكم ... فمنهم اللائم والعاذر

وكان عروة (٢) من فقهاء المدينة ومحدّثيها، ومن الطريف أنه كان يوقّع شعره ويضع له الألحان بنفسه، وبذلك نفهم وفرة الموسيقى فى غزله، فهو ألحان وأنغام على شاكلة قوله:

إن التى زعمت فؤادك ملّها ... جعلت هواك كما جعلت هوى لها

فبك الذى زعمت بها وكلاكما ... يبدى لصاحبه الصّبابة كلها

بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلباقة فأدقّها وأجلّها

منعت تحيّتها فقلت لصاحبى ... ما كان أكثرها لنا وأقلّها

أما ابن (٣) عتبة فكان أحد الفقهاء السبعة المقدّمين فى المدينة الذين حمل عنهم الفقه والحديث، وكان ضريرا، كما كان رقيقا مرهف الإحساس، وله


(١) انظر فى حبه لسلامة الأغانى (طبع دار الكتب) ٨/ ٣٣٤ وما بعدها.
(٢) راجع فى ترجمته الأغانى (طبعة ساسى) ٢١/ ١٠٥ والشعر والشعراء ٢/ ٥٦٠ والموشح ص ٢١١.
(٣) انظر ترجمته فى الأغانى (طبع دار الكتب) ٩/ ١٣٩ وما بعدها وصفة الصفوة ٢/ ٥١ وتهذيب التهذيب ونكت الهميان ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>