للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبوه إلى المجنون، ولا شعرا هذه سبيله قيل فى لبنى إلا نسبوه إلى قيس بن ذريح». وقد تفصح القصة المضافة إلى بعض هؤلاء العشاق عن انتحالها وأنها من صنع الرواة وإن لم ينصّ على ذلك القدماء، وخير ما يمثل ذلك قصة (١) وضّاح اليمن التى تذهب إلى أنه عشق أم البنين زوجة الوليد، وأنها هويته، فكانت تدخله عندها وتخفيه فى صندوق، وعرف ذلك زوجها، فحفر بئرا عميقة، رماه فيها، وهيل عليه التراب وسوّيت الأرض.

وعلى هذا النحو تلقانا فى هذا الغزل العذرى أسماء وأخبار خيالية من صنع الرواة، غير أن وراءها أسماء وأخبارا كثيرة، لا يرقى إليها الشك. والمهم أن الظاهرة صحيحة، فقد وجد هذا الغزل العذرى فى العصر الأموى بنجد وبوادى الحجاز، وكثر أصحابه وكثرت أشعاره، حتى غدت لونا شعبيّا عامّا، ولعل شعبيتها هى التى أكثرت من القصص حولها، كما أبهمت بعض من نظموها.

وقد اختار الرواة أشخاصا، جعلوا منهم أبطالا ونسبوا إليهم كثيرا من تلك الأشعار.

وخاصة إذا اتفق أن كان فيها اسم محبوبة هذا البطل، على نحو ما صنعوا بالأشعار التى وجدوا فيها اسم لبنى، فإنهم أضافوها-كما لاحظ الجاحظ-إلى قيس ابن ذريح.

ومن الأشخاص الحقيقية فى هذا الغزل عروة بن حزام العذرى وصاحبته عفراء، وقد ترجم له صاحب (٢) الأغانى وروى له أشعارا رقيقة من مثل قوله:

وإنى لتعرونى لذكراك رعدة ... لها بين جلدى والعظام دبيب

فو الله لا أنساك ما هبّت الصّبا ... وما أعقبتها فى الرياح جنوب

ومنهم الصّمّة (٣) القشيرى، وكان من فتيان بنى عامر وشجعانهم، وأحب ابنة عم له تسمى ريّا، وخطبها من أبيها فآثر عليه شابّا موسرا، فزاد


(١) انظرها بترجمته فى الأغانى (طبع دار الكتب) ٦/ ١٨؟ ؟ ؟ وما بعدها وراجع أيضا تهذيب تاريخ؟ ؟ ؟ لابن عساكر ٧/ ٢٩٥ وحديث الأربعاء ١/ ٢٩٣.
(٢) أغانى (ساسى) ٢٠/ ١٥٢ وانظر الشعر والشعراء ٢/ ٦٠٤ وذيل الأمالى ص ١٥٧ والخزانة ١/ ٥٣٣.
(٣) ترجمته فى الأغانى (طبع دار الكتب) ٦/ ٢ وما بعدها وانظر قصيدته العينية فى الطرائف الأدبية ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>