للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوة مسكين (١) الدارمى القائل:

وسمّيت مسكينا وكانت لحاجة ... وإنى لمسكين إلى الله راغب

ويقول صاحب الخزانة إن له قصيدة، ذكر فيها طائفة من الشعراء، ناسبا قبر كل منهم إلى بلده ومسقط رأسه، متخذا من ذلك العبرة، ومصغرا أمر الدنيا ومهونا من شأنها، وقد ذكر له منها عشرة أبيات. ومما يتردد فى كتب الأدب من شعره قوله يعلن رضاه بالقضاء وما قدّر له، وأن الله لا بد أن يكشف غمته:

ما أنزل الله من أمر فأكرهه ... إلا سيجعل لى من بعده فرجا

ومن مستحسن شعره قوله:

ولست إذا ما سرّنى الدهر ضاحكا ... ولا خاشعا ما عشت من حادث الدّهر

أعفّ لدى عسرى وأبدى تجمّلا ... ولا خير فيمن لا يعفّ لدى العسر

وإنى لأستحيى إذا كنت معسرا ... صديقى وإخوانى بأن يعلموا فقرى

ومن يفتقر يعلم مكان صديقه ... ومن يغن لا يعدم بلاء من الدهر

وهو القائل:

أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح

وله أشعار طريفة فى الغيرة (٢) وأن على الزوج أن لا يبالغ فى اتهام زوجته، حتى لا يغريها بما يخاف منه. على أننا نلاحظ عنده أنه كان يستشعر عصبيته القبلية فى فخره بخصاله؛ وقد مرّ بنا موقفه من تولية معاوية لابنه يزيد، وما نظمه فى ذلك من شعر. وهو فى الحق لم يكن زاهدا بالمعنى الدقيق لكلمة زاهد، إنما كان متأثرا تأثرا عميقا بالروح الإسلامية، ومن ثم استلهمها فى إشادته بشيمه، ونحن نتركه إلى أبى الأسود الدؤلى وسابق البربرى.


(١) انظر فى ترجمته الأغانى (ساسى) ١٨/ ٦٨ والشعر والشعراء ١/ ٥٢٩، والخزانة ٢/ ١١٦ ومعجم الأدباء ١١/ ١٢٦ وأمالى المرتضى ١/ ٤٧٢ وابن عساكر ٥/ ٣٠٠.
(٢) أمالى المرتضى ١/ ٤٧٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>