تكون حقّا شائعا للمسلمين جميعا، أو تردّ إلى بنى هاشم وأبناء على خاصة، أو تكون حقّا للعرب، فلا تختص بها قريش.
وكان الأمويون وولاتهم من مثل زياد والحجاج لا يزالون يقرّرون أنها حق لهم وأن الله اصطفاهم ليقودوا العرب والمسلمين ويحكموهم بشريعته. وانبرى لهم الخوارج يصيحون منذ خروجهم على على بن أبى طالب بأن الخلافة حق عام للمسلمين، يتولاّها خيرهم زهدا وتقوى وورعا، ولو كان غير قرشى، بل لو كان غير عربى. ومضوا يحاجّون فى أول الأمر عليّا وابن عباس، ثم أخذوا يحاجون ابن الزبير، واختلفوا فيما بينهم وانقسموا فرقا وطرائق قددا، فكان منهم الأزارقة والنّجدات والصّفرية والإباضية، وأخذ كل فريق يحتج لرأيه مستعينا بدقة مداخله فى حجته.
ومنذ قيام على بالكوفة ظهرت من حوله جماعة ترى أنه هو وأبناءه أصحاب الحق الشرعى فى الخلافة. ويتوفّى على، فيدعون للحسن، ويخيب ظنهم فيه حين يتنازل عن الخلافة لمعاوية. ولا تهدأ ثائرتهم، فيطلبهم زياد بن أبيه، وقصته مع حجر بن عدى مشهورة. ويتوفّى معاوية، فتكتب شيعة الكوفة إلى الحسين، ويتجه إليهم، ولكنه يقتل بكربلاء دون غايته. ويتوفّى يزيد ابن معاوية، فتنشب حركة التوابين، يقودها سليمان بن صرد، وتبوء بالخذلان.
حينئذ يتولى قيادة الشيعة هناك المختار الثقفى، وما يزال يخطب ويدعو حتى يجتمع عليه خلق كثير، ويتجرد له مصعب بن الزبير، فيقضى عليه قضاء مبرما.
ونمضى إلى القرن الثانى فيظهر زيد بن على بن الحسين، ويثور، وسرعان ما يقضى عليه.
ويتكون فى هذه الأثناء حزب عبد الله بن الزبير، ويظل نحو ثمانى سنوات، وكان هذا الحزب يدعو إلى عودة الخلافة إلى الحجاز وأن يتولاها أحد أبناء كبار الصحابة من قريش، لا هؤلاء الأمويون الذين حولوا الخلافة إلى دمشق وأخذوا هناك يحكمون الناس مستندين إلى القبائل اليمنية الشامية. وبذلك ضاع الحكم من قريش ومن الحجاز جميعا.