للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثال مجاهد وعطاء، ويقول ابن حنبل «بمصر صحيفة فى التفسير عن ابن عباس رواها على بن أبى طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا (١)».

ولا يحمل تفسير الطبرى تفسير ابن عباس وحده، بل يحمل أيضا كلّ ما رواه الرواة عن معاصريه أمثال عبد الله بن مسعود وأبىّ بن كعب. وقد أخذت تعظم هذه المادة بما أضاف إليها التابعون، وما نشكّ فى أن كثيرا منها دوّن فى هذا العصر، وإلا ما وصلت إلى الطبرى. وكان الصحابة والجيل الأول من التابعين كما مر بنا فى غير هذا الموضع يتردّدون فى تدوين الحديث، غير أن بينهم قوما كانوا لا يكتفون بالحفظ خشية النسيان، فعمدوا إلى كتابة ما سمعوه على نحو ما يصوّر لنا ذلك البغدادى فى كتابه «تقييد العلم». ونحن لا نصل إلى عصر عمر بن عبد العزيز حتى نراه يأمر بتدوين الحديث، ويعنى بذلك كما مر بنا الزّهرى المتوفى سنة ١٢٤ للهجرة فيدونه، ويتتابع التدوين فيه. وعلى نحو ما أخذوا فى تدوين الحديث والتفسير أخذوا فى تدوين الفقه، وخاصة تلاميذ ابن مسعود كما يلاحظ ذلك ابن قيم الجوزية، فإنهم حرّروا فتياه ومذهبه فى التشريع (٢). ويذكر جولد تسيهر أن عروة (٣) بن الزبير كانت له كتب فقه احترقت يوم الحرة (٤). ويظهر أن عناية الشيعة بكتابة الفقه كانت قوية لاعتقادهم فى أئمتهم أنهم الهادون المهديون الذين ينبغى أن يلتزموا بفتاواهم ومن ثم عنوا بفتاوى على وأقضيته، ويظهر أن أول من ألّف فيها سليم بن قيس الهلالى معاصر الحجاج (٥)، وذكر جولد تسيهر أنه يوجد فى المكتبة الأمبروزية بميلانو مختصر فى الفقه اسمه «مجموعة زيد بن على» (٦).

وأخذت تدوّن منذ القرن الأول مغازى الرسول صلى الله عليه وسلم وممن عنوا


(١) انظر النوع التاسع والسبعين فى كتاب الإتقان للسيوطى.
(٢) راجع تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق ص ١٩٢ وانظر إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية.
(٣) انظر فى ترجمة عروة تهذيب التهذيب وصفة الصفوة ٢/ ٤٧ والمعارف لابن قتيبة ص ١١٤
(٤) انظر مادة فقه فى دائرة المعارف الإسلامية.
(٥) الفهرست ص ٣٠٧.
(٦) مادة فقه فى دائرة المعارف الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>