للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصور لنا الأزرقى طواف العريان بقوله: «يبدأ بإساف فيستلمه (يعتنقه) ثم يستلم الركن الأسود، ثم يأخذ عن يمينه ويطوف ويجعل الكعبة عن يمينه، فإذا ختم طوافه سبعا استلم الركن (حيث الحجر أو الحطيم) ثم استلم نائلة، فيختم بها طوافه، ثم يخرج فيجد ثيابه كما تركها لم تمس فيأخذها، فيلبسها، ولا يعود إلى الطواف بعد ذلك عريانا (١)». وقد أبطل الإسلام العرى فى الطواف، كما أبطل كثيرا من تقاليد الحمس (٢).

وكان من تقاليدهم رمى الجمرات فى منى وتقديم العتائر أو الضحايا وذبحها عند الأنصاب وكذلك تقديم الهدايا من الزروع والغلات، وفى القرآن الكريم: {وَجَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً، فَقالُوا هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ»}. وتدل الآية الكريمة على أنهم كانوا يجعلون لله نصيبا، ثم يعودون فيجعلونه لآلهتهم الصغرى أو لأصنامهم. وذكر القرآن الكريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وأولاها الناقة أو الشاة يحرّمون لبنها والانتفاع بها، والثانية ما يسيّب (يترك) نذرا للآلهة فلا يمنع من ماء ولا كلأ، والثالثة ناقة أو شاة تحمل سبعة أبطن، فإذا كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه الرجال والنساء، وإن كان أنثى استحيوه، وإن ولدت توأما: ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها وحرّموا ذبحه على أنفسهم. أما الحام فالبعير ينتج عشرة أبطن من صلبه، ويقولون: قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى.

ويظهر أنه كانت عندهم طقوس كثيرة فى نذورهم وقرابينهم، وقد هدمها الإسلام هدما، وأيضا كانت هناك شعائر وطقوس كثيرة فى الحج نفسه لعل أهمها التلبية، يقول ابن حبيب: «وكانوا يلبون إلا أن بعضهم كان يشرك فى تلبيته، وكان نسك قريش لإساف، تقول: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك. وكان لكل قبيلة بعد تلبية، فكانت تلبية من نسك للعزى: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك ما أحبّنا إليك. وكانت تلبية من نسك للات: لبيك اللهم لبيك، لبيك، كفى ببيتنا بنيّة، ليس بمهجور ولا بلية، لكنه من تربة زكية، أربابه من صالحى البرية. . . وكانت تلبية من نسك لودّ:


(١) الأزرقى ١/ ١١٤.
(٢) الأزرقى ١/ ١١٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>