للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلع (بطرا) (١) ويظهر أن عبادته قديمة، وهو يقابل الإله ديونيسيوس عند اليونان إله الخصب والخمر.

وكانوا يتخذون عند هياكل هذه الأصنام والأوثان أنصابا من حجارة يصبون عليها دماء الذبائح التى يتقربون بها إلى آلهتهم، وكانوا يقدسون هذه الأنصاب ويعدونها مقرّا لبعض الأرواح. وفى القرآن الكريم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»}. والأزلام هى القداح كما مر بنا.

وفرق بين الصنم والوثن، فالصنم يكون غالبا تمثالا، أما الوثن فيكون غالبا حجرا، وقد يسمى الصنم بالوثن، يقول ابن الكلبى: «واستهترت العرب فى عبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتا ومنهم من اتخذ صنما ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت نصب حجرا أمام الحرم وأمام غيره مما استحسن ثم طاف به كطوافه بالبيت. .

فكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار، فنظر إلى أحسنها، فاتخذه ربّا وجعل ثلاثة أثافىّ لقدره. وإذا ارتحل تركه، فإذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذلك. وكانوا ينحرون ويذبحون عند كلها ويتقربون إليها (٢)».

وهذه البيوت التى اتخذوها لأصنامهم كان منها كعبات كبيرة يحجون إليها ككعبة ذى الخلصة وهى الكعبة اليمانية وكعبة الطائف وهى بيت صنمهم اللات، وأشهر كعباتهم كعبة مكة حارسة الوثنية فى الجاهلية، وهى التى وصلتنا عنها تفاصيل كثيرة توضح ما كانوا يتخذون فى حجّهم إليها من شعائر، وكانوا يطوفون بها أسبوعا ويسعون بين الصفا والمروة، ويظن أنه كان على كل منهما صنم، ويقال إنه كان على الصفا إساف وعلى المروة نائلة، وكانوا يقفون بعرفة ويفيضون منها إلى المزدلفة ثم منى. وكانت إفاضتهم فى عرفة عند غروب الشمس، أما فى المزدلفة فعند شروقها، وكان يتولى الإجازة فى الأولى بعض التميميين. وفى الكعبة الحجر الأسود وكانوا يتبركون به ويتمسحون بأركان الكعبة جميعها. ويقال إن طوافهم بأصنامهم كان سبعة أشواط وكانوا يختلفون فى طوافهم، فمنهم من يطوف عريانا وهم الحلة (٣)، ومنهم من يطوف فى ثيابه وهم الحمس (٤) من قريش وكنانة وخزاعة


(١) الأصنام ص ٣٧ وتاج العروس. واللسان فى مادة الشرى.
(٢) الأصنام ص ٣٣.
(٣) المحبر ص ١٨٠ وما بعدها.
(٤) المحبر ص ١٧٩ والأزرقى ١/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>