الأموال، وخير من يمثلهم نصيب والقطامى وكعب بن معدان الأشقرى وزياد الأعجم. وسعرت العصبيات القبلية شعراء الهجاء وخير من يمثلهم ابن مفرّغ والحكم بن عبدل وثابت قطنة. ومما لا ريب فيه أن أبرع شعراء الهجاء والمديح جميعا شعراء النقائض النابهون: الأخطل والفرزدق وجرير، فقد أتاحوا للنقيضة كل ما كان ينتظرها من رقى ونهوض، كما أتاحوا للمدحة كل ما كان ينتظرها من براعة وازدهار.
ووقف كثير من الشعراء فى صفوف الفرق السياسية يحامون عنها ويناضلون وكانت لكل فرقة نظرية فى الخلافة تدافع عنها وتذود. أما الزبيريون فكانوا يرون من الواجب أن تعود حاضرة الخلافة إلى الحجاز وأن يستند الخليفة فى حكمه إلى قريش لا إلى كلب وغيرها من القبائل اليمنية التى يستند إليها الأمويون، وابن قيس الرّقيّات أهم من صدر فى شعره عن هذه النظرية. وكان الخوارج يرون أن الخلافة حقّ للمسلمين جميعا لا لقريش وحدها، وأنه ينبغى أن يتولاّها خير المسلمين تقوى وزهدا، ولو كان عبدا حبشيّا، وقد وهبوا أنفسهم للنضال عن نظريتهم مذيعين فى أشعارهم حماسة دينية ملتهبة ورغبة عنيفة فى الاستشهاد وزهدا قويّا فى الحياة ومتاعها الزائل، ويمثّلهم عمران بن حطّان والطّرمّاح. وكان الشيعة يرون أن الخلافة حقّ شرعى لأبناء على اغتصبه منهم الأمويون وينبغى أن يردّ عليهم، وكان استشهاد أئمتهم لا يبرح ذاكرتهم، فمضوا يبكونهم بدموع غزار، محفظين الناس على أن يثأروا لهم من الأمويين ويذيقوهم حتفهم، كما مضوا يصوّرون عقيدتهم فيهم وما يكنّون لهم ولأهل البيت من عواطف حارة متبتّلين بذلك إلى الله ورسوله الكريم، ويمثّلهم كثيّر والكميت. وكان كثير من أشراف العرب وخاصة فى الكوفة مغيظين محنقين على الأمويين لجعل الخلافة وراثية فيهم من دون العرب جميعا، وعبّر عن ذلك ابن الأشعث فى ثورته وشاعره أعشى همدان فى شعره واصطفّ مع الأمويين شعراء كثيرون يدعون لهم ويناضلون ضد كل هؤلاء الخصوم، على شاكلة ما نرى عند عبد الله بن الزّبير الأسدى الكوفى وعدىّ بن الرّقاع الدمشقى.
وتلقانا طوائف من الشعراء عاشت حياتها فى اتجاه واحد أو على الأقل