الهادى، فالحسن العسكرى، فمحمد المهدى المنتظر المتوفى حوالى سنة ٢٦٠ وقد ذهبوا إلى أنه غاب وسيعود فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا، ولما لم يكن له ولد توقفت هذه الفرقة عنده. ومن المهم أن نعرف أنها كانت تعتنق-مثل فرقة الإسماعيلية-التقية، فلم تجنحا إلى ثورة علنية ضد العباسيين فى هذا العصر، وكأنما تركا ذلك لأبناء الحسن بن على بن أبى طالب من مثل النفس الزكية وكانوا يعتنقون نظرية الزيدية.
والعجب العاجب أن نرى جمهور المسلمين فى هذا العصر لا يعودون بالخلافة إلى نظام الشورى وأن تصبح حقّا للأمة. فقد ضللتهم دعاية البيت الهاشمى وجعلتهم يقتنعون بأنها ميراث آل إليهم من الرسول، وانقسموا إزاء ذلك إلى معسكرين كبيرين:
معسكر عباسى بيده مقاليد الحكم، ومعسكر علوى يحاول الوصول إلى الحكم، وبذلك انتكست الأمة صورتين من الانتكاس: صورة سياسية إذ شغلت بحروب وفتن داخلية ما زالت تنخر فيها حتى توزعت دولا، ولو أنها لم تشغل بها وظلت لها وحدتها لفتحت أكثر العالم ولتغير وجه التاريخ. وصورة اجتماعية إذ نظر الناس إلى الخليفة على أنه وريث شرعى وأن حقه فى الخلافة مقدس، ولو بغى وطغى وظلم، وعليهم دائما طاعته مهما أشاع من الطغيان والفساد. ومن غير شك تقع على الفقهاء تبعة ذلك، إذ كان من الواجب عليهم أن يوضحوا للناس نظرية الإسلام الحقيقية فى الخلافة وأنه لا يجعلها وراثية فى بنى هاشم بل يقيمها على الشورى ليتولاها الأجدر بها. وبذلك أخذ الصحابة الأولون فى تولية أبى بكر وعمر وعثمان، فأجدر المسلمين كفء للخلافة سواء أكان من البيت الهاشمى أو غيره، وسواء أكان من بيت شريف أم بيت مشروف، فالعبرة بالجدارة والكفاءة لا بالنسب. وشئ من هذه التبعة يقع على عاتق المتكلمين. وحقّا إنهم عنوا بالرد على الزنادقة والملاحدة والدهريين، ولكنهم قلما عنوا بالتفكير فى المصلحة العامة للأمة والخروج بالخلافة من نطاق فكرة الميراث إلى نطاق فكرة الشورى بحيث تختار الأمة الخليفة الصالح دون نظر إلى هاشميته أو قرشيته.
وقد ظل العلويون يقاومون العباسيين سرّا وجهرا، وظل أتباعهم يزدادون، والعباسيون يرصدونهم جميعا، فمن حدثته نفسه بالثورة أو الفتنة قتل أو زجّ به