للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم وليس من عمومته أحد إلا العباس فكان وارثه دون بنى عبد المطلب» (١).

ولما لم تجد المفاوضة أرسل المنصور إلى النفس الزكية جيشا بقيادة ابن أخيه عيسى بن موسى، فالتقى به وبمن معه قرب المدينة، واحتدم القتال، فانهزم الناس عن النفس الزكية، وأحيط به فلم يستسلم ولم يلق السلاح، بل قاتل حتى قتل واحتزّ رأسه وحمل إلى المنصور. وكان أخوه إبراهيم قد مضى يدعو له فى البصرة وكثرت جموعه فاستولى عليها، وأذعنت له فارس وعظم خطره. وعاد عيسى بن موسى من الحجاز، فوجهه المنصور إلى إبراهيم فالتقى به وبجموعه عند «باخمرا» بالقرب من الكوفة، وسرعان ما دارت على إبراهيم الدوائر، فقتل ولاذت جموعه بالفرار، وأخذ كثير من العلويين فألقى بهم فى غياهب السجون (٢).

وإذا كان المنصور قضى على هذه الثورة العنيفة للعلويين فى أيامه فإنه لم يقض على التشيع، بل لقد أخذ يزداد مع الأيام سرّا وجهرا، وأخذت فرقه تتكاثر، وأهمها حينئذ الزيدية والإمامية، أما الزيدية فكان مقرها البصرة حيث التحمت بالاعتزال، وأما الإمامية فكان مقرها الكوفة، وبذلك ورثت ما كان فيها من تراث شيعى، وقد انقسمت بمرور الزمن إلى فرق كثيرة أهمها الإسماعيلية والإثنا عشرية.

والإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، وكان قد توفى فى حياة أبيه فقالوا إن الإمامة انتقلت منه إلى ابنه محمد، لأنها تنتقل حتما إلى الابن الأكبر حتى لو مات فى عهد أبيه كما مات إسماعيل. ويتلو محمدا-عندهم-أربعة أئمة مستورون يعقبهم عبيد الله المهدى رأس الدولة الفاطمية. ومنهم خرجت شعبة القرامطة فى البحرين. أما الاثنا عشرية فذهبت إلى أن الإمام بعد جعفر الصادق هو ابنه موسى الكاظم الذى عاش بعده، وسموا بالإثنى عشرية لأن الإمامة تتوالى -عندهم-فى اثنى عشر إماما هم: على فالحسن فالحسين فابنه على زين العابدين، فمحمد الباقر فجعفر الصادق المتوفى بالمدينة سنة ١٤٨ فموسى الكاظم المتوفى فى سجن الرشيد سنة ١٨٣ فعلى الرضا المتوفى سنة ٢٠٣ فمحمد الجواد المتوفى سنة ٢٢٠ فعلى


(١) انظر فى هذين الكنابين المتبادلين بين المنصور والنفس الزكية الكامل للمبرد (طبعة رايت) ص ٧٨٦ والطبرى ٦/ ١٩٥.
(٢) راجع فى مقتل إبراهيم وحربه الطبرى ٦/ ٢٥٠ واليعقوبى ٣/ ١١٢ والمسعودى ٣/ ١٢٢ وابن الطقطقى ص ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>