للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثورة محمد بن القاسم بن على بن عمر بن على بن الحسين لعهد المعتصم سنة ٢١٩ فقد خرج بالطّالقان يدعو إلى الرضا من آل محمد فاجتمع عليه خلق كثير، وما زالت جيوش عبد الله بن طاهر والى خراسان تواقعه حتى انهزم وأسر، فأرسله ابن طاهر إلى المعتصم فحبسه، ولكنه هرب من السجن واختفى فلم يوقف له على أثر ولا على خبر (١).

وقد استأثر التشيع فى هذا العصر بالجانب الأكبر من معارضة العباسيين.

أما مذهب الخوارج فضعف شأنه بسبب فتك الأمويين بهم فتكا ذريعا، بحيث لم يبق منهم إلى العصر العباسى سوى فلول فى أنحاء متفرقة بعمان والجزيرة وخراسان وتونس. وكانت نظريتهم فى الخلافة وإمامة المسلمين صائبة، غير أنهم صرفوها إلى قتال إخوانهم المسلمين وبذلك لم يكتب لها النجاح من قديم، فقد كانوا يرون أن تردّ الخلافة إلى الأمة، بحيث يليها أجدر المسلمين بها ولو كان عبدا حبشيّا، غير أنهم مضوا فكفّروا المسلمين واستحلّت بعض فرقهم لا دماءهم فحسب، بل أيضا دماء أطفالهم ونسائهم، وبذلك ضلّوا الطريق، إذ أغمدوا الدعوة الحسنى وشهروا السيوف متهمين إخوانهم فى الدين بالكفر والردة، وبدلا من أن يتعاونوا معهم فى حرب أعدائهم جميعا من الأمم الأجنبية حاربوهم حربا عنيفة يريدون أن يمحوهم من الأرض محوا. وبذلك لم تعد المسألة مسألة تحقيق المساواة بين المسلمين فى حقوق الحكم وما يتبع ذلك من إقرار العدالة التى لا تطيب الحياة إلا بها ولا تستقيم إلا عليها، بل أصبحت مسألة كفر وإيمان وسيوف مشرعة ودماء مسفوحة.

وأول ثورة تلقانا لهم فى هذا العصر ثورة خوارج عمان الإباضيين بقيادة الجلندى وقد جرّد له السفاح جيشا جرّارا بقيادة خازم بن خزيمة، فقضى عليه (٢).

وفى عهد المنصور ثار ملبد بن حرملة الشيبانى بالجزيرة فقضى عليه أيضا خازم ابن خزيمة (٣)، وثار الإباضية بتونس وقضى عليهم يزيد (٤) بن حاتم المهلبى.

وفى عهد المهدى ثار بخراسان فى طائفة من الخوارج يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرم، فتصدّى له يزيد بن مزيد الشيبانى، وأسره فى جماعة من أصحابه،


(١) اليعقوبى ٣/ ١٩٨ والطبرى ٧/ ٢٢٣ والمسعودى ٤/ ٨ والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٣٠.
(٢) طبرى ٦/ ١١٤.
(٣) طبرى ٦/ ١٤١.
(٤) اليعقوبى ٣/ ١٢٠ والطبرى ٦/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>