للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حمل منه جثمانه إلى طرسوس.

ويخلف المعتصم أخاه المأمون وتظل فى عهده محنة القول بخلق القرآن قائمة وإن كان قد خفّف من حدّتها كثيرا. وكان قد استكثر من الترك وآذوا العامة فى بغداد فبنى لهم سامرّاء، كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع. وفى أوائل عهده ثار الزّطّ بالبصرة وقضى على ثورتهم عجيف (١) بن عنبسة. وماتوا فى سنة ٢٢٠ حتى يعد جيشا ضخما لحرب بابك بقيادة الأفشين ويمده بكثير من القواد أمثال أبى دلف العجلى ومحمد بن يوسف الثغرى، وتتوالى انتصارات هذا الجيش على بابك وشيعته، حتى إذا كانت سنة ٢٢ سحققت جموعه سحقا، واستسلم صاغرا (٢)، ولم يلبث أن أدخل إلى بغداد مقيدا مغلولا، فتعالى التكبير، وقتل وعلّقت رأسه وأحرق جسده عبرة ونكالا. وكان إمبراطور بيزنطة-كما ذكرنا آنفا-يضع يده فى يد بابك، وحدث أن أغار على زبطرة (٣) وأعالى الفرات فأمر المعتصم بإعداد جيش جرّار لتأديبه قاده بنفسه، ووطئت جنوده بلدان (٤) الروم فى آسيا الصغرى بقيادة الأفشين وجعفر بن دينار وخالد بن يزيد الشيبانى ومحمد بن يوسف الثغرى وغيرهم ممن ساموا البيزنطيين ذلاّ وصغارا، وقد أخربوا فيما أخربوا أنقرة وسلطوا مجانيقهم على عمورية حتى فتحت أبوابها عنوة. وعاد المعتصم قرير العين، وعلم فى عودته أن العباس ابن أخيه المأمون يدبر مؤامرة ضده، فأحبط مؤامرته.

وثار مازيار بطبرستان سنة ٢٢٤ وحاءت به الجيوش التى حاربته مكبلا بالحديد إلى بغداد، فقتل وصلب (٥). ثبت أن الأفشين كان يكاتبه سرّا آملا فى عودة دين آبائهما المجوس، فسجنه المعتصم سنة ٢٢٥ وظل فى سجنه حتى مات وصلب بعد موته (٦).

وتوفى المعتصم سنة ٢٢٧ فخلفه ابنه الواثق، وقد أعاد محنة القول بخلق القرآن


(١) طبرى ٧/ ٢٢٥ واليعقوبى ٣/ ١٩٨ والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٣٣.
(٢) انظر الطبرى ٧/ ٢٢٦ وما بعدها واليعقوبى ٣/ ٢٠١ والمسعودى ٤/ ١٤ والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٣٢ وما بعدها.
(٣) زبطرة: مدينة بين سميساط والحدث فى الطريق إلى بلاد الروم.
(٤) انظر فى هذه الجملة الطبرى ٧/ ٢٦٣ واليعقوبى ٣/ ٢٠١ والمسعودى ٤/ ١٤ والنجوم الزاهرة، ٢/ ٢٣٨ وفازيلييف ص ١٢٤ وما بعدها.
(٥) اليعقوبى ٣/ ٢٠٢ والمسعودى ٤/ ١٦ والطبرى ٧/ ٣٠٢ والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٤٠.
(٦) اليعقوبى ٣/ ٢٠٣ والطبرى ٧/ ٣٠١ والمسعودى ٤/ ١٦ والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>