للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى معانى المودة والمحبة (١)، وكان الجوارى والقيان يكلفن بالورود كلفا شديدا، ويروى أن متيم الهاشمية جارية على بن هشام ومغنيته كان يعجبها البنفسج جدّا فكانت لا تخلى منه كمّها (٢). وكان لهذا الإعجاب والكلف أثره فى العناية بالأزهار والرياحين وتغنى الشعراء بها غناء كثيرا (٣).

وكان الجوارى يهدين التفاح كثيرا إلى من يكلفون بهن أو يتعلقن هن بهم، وكن يضعن عليه أثر أخذه بأفواههن، وقد يفلّجنه ويشقّقنه بالمسك وغيره من أنواع الطيب، وقد يكتبن عليه بعض أبيات رقيقة، تصور صبابتهن، وفى أخبار المهدى أن جارية من جواريه أهدت إليه تفاحة وطيّبتها وكتبت عليها (٤):

هديّة منى إلى المهدى ... تفاحة تقطف من خدّى

محمّرة مصفرّة طيّبت ... كأنها من جنّة الخلد

واستغللن أبيات الحب والعشق كثيرا لا فى أحاديثهن فحسب، بل فى كل ما يتصل بهن، فكن يكتبنها على المناديل الحريرية التى يرسلن بها تذكارا إلى عاشقيهن، وقد يكتبنها على عصائبهن وذوائبهن وثيابهن وأكمامهن وفرشهن وما يمسكن به من مراوح، ويروى بعض الأشخاص أنه دخل على هرون فرأى الوصائف من ورائه وقد تزيّن بعصابات نظمت فيها الدّرر واليواقيت وكتبت عليها أبيات فى صفائح الذهب، مثل قول بعض الشعراء (٥):

مالى رميت فلم تصبك سهامى ... ورميتنى فأصبتنى يا رامى

وقول آخر على لسان إحدى الجوارى:

أفلت من حور الجنان ... وحلقت فتنة من يرانى

ويذكر إسحق الموصلى أنه دخل على الأمين يوما فوجد من حوله وصائف


(١) أغانى ٧/ ١٧٠
(٢) أغانى ٧/ ٣٠٦.
(٣) انظر على سبيل المثال وصف إبراهيم ابن المهدى شرحبيل فى الأغانى ١٠/ ١١٥.
(٤) العقد الفريد (طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر) ٦/ ٤٠٦.
(٥) العقد الفريد ٦/ ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>