للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أوس بن جر عيد الفصح الذى كانوا يحتفلون به فيوقدون المشاعل ويضيئون الكنائس بالقناديل والمصابيح، يقول (١):

عليه كمصباح العزيز يشبّه ... لفصح ويحشوه الذّبال المفتّلا

وجرى على لسانهم كثير من أسماء الأنبياء، من مثل داود، وكان يشتهر عندهم بنسجه للدروع المتينة القوية، ومن ثمّ يقول سلامة بن جندل فى وصف بعض الدروع (٢):

مداخلة من نسج داود شكّها ... كحبّ الجنا من أبلم متفلّق (٣)

وقد يتحدثون عن ملكه فى صدر حديثهم عن الملوك البائدين وكيف يعتدى الدهر على الناس فلا يبقى ولا يذر.

ويكثر فى شعر الأعشى وأمية بن أبى الصلت وعدى بن زيد القصص عن الأنبياء وسيرهم قصصا نظن ظنا أنه موضوع. وهو إن قبل من عدى النصرانى فإنه لا يقبل من أمية والأعشى، وكانا وثنيين. وتبدو فى شعر بعض الشعراء نزعة إلى التفكير فى الحياة والموت على نحو ما أسلفنا فى غير هذا الموضع، كما يبدو فى شعر نفر منهم إيمان بالله، كقول عبيد بن الأبرص فى معلقته-إن صح أنه له-:

من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب

ويزعم بعض المستشرقين أن الرواة الإسلاميين هم الذين وضعوا لفظة الجلالة فى شعر الجاهليين بدلا من كلمة اللات التى تتفق معها فى الوزن (٤). وفى معلقة زهير:

فلا تكتمنّ الله ما فى نفوسكم ... ليخفى ومهما يكتم الله يعلم

يؤخّر فيوضع فى كتاب فيدّخر ... ليوم الحساب أو يعجّل فينقم


(١) ديوان أوس ص ٨٤.
(٢) الأصمعيات (طبعة دار المعارف) ص ١٥٠.
(٣) مداخلة: محكمة النسج، شكها: أحكمها، الأبلم: بقلة لها قرون بها حب يابس.
(٤) جواد على ٦/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>