للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثلثات والسطوح الفلكية (١)».

وقد نشر على مصطفى مشرفه ومحمد موسى أحمد كتابه «الجبر والمقابله» وهو يذكر فى مقدمته تشجيع المأمون له منوّها به. ويظهر أنه نجح فى صنع الجداول الفلكية نجاحا رائعا، ويقول نالينو إنه «اصطنع زيجا سماه السند هند الصغير جمع فيه بين مذاهب الهند والفرس، وجعل أساسه على السند هند، وخالفه فى التعاديل والميل، فجعل تعاديله على مذاهب الفرس وجعل ميل الشمس فيه على مذهب بطليموس (٢)».

والخوارزمى-بدون ريب-يفتتح افتتاحا رائعا سلسلة الرياضيين والفلكيين والجغرافيين من علماء العرب العظام. وقد نبغ فى هذا العصر كثيرون فى الطب وعلم العقاقير على نحو ما تشهد بذلك كتب طبقات الأطباء وما تزخر به من سيول الرسائل والكتب فى الأمراض وطرق علاجها والعقاقير وتركيبها. وقد استطاع يوحنا ابن ماسويه-بما كان يعكف عليه من تشريح القردة (٣) -أن يضيف بعض النتائج الجديدة إلى ما خلّفه جالينوس فى علم التشريح، وله فى طب العيون رسالة مهمة سماها «دغل العين» وقد دوّت شهرتها فى عصره وبعد عصره وترجمت إلى اللاتينية (٤).

وقد مضى العرب يعنون-منذ خالد بن يزيد بن معاوية-بعلم الصنعة (الكيمياء) وظلوا يزدادون فيه علما حتى ظهر لهذا العصر جابر بن حيان، وهو ابن صيدلى كوفى، فأرسى هذا العلم على دعائم التجربة وخلّف فيه كثيرا من النظريات فى الإكسير وخواصّه، وصوّر ذلك فى أكثر من مائة رسالة، ترجمت منها طائفة كبيرة إلى اللاتينية وأفاد منها الأوربيون فوائد جلّى مما كان له أكبر الأثر فى نهضة الأبحاث الكيميائية بديارهم. وقد تشكك فى شخصية جابر ومصنفاته بعض الباحثين المحدثين (٥)، وهو شك بدأه بعض القدماء حتى لنرى ابن النديم يرد عليهم ردّا طويلا (٦)، وهو-دون نزاع-المؤسس الأول لعلم الكيمياء عند


(١) الدومييلى ص ١٥٤ وقارن بصفحة ١٤٨.
(٢) نالينو ص ١٧٥.
(٣) ابن أبى أصيبعة ص ١٢٨ - ١٢٩.
(٤) علوم اليونان لأوليرى ص ٢٢٤.
(٥) انظر كتاب جابر بن حيان لزكى نجيب محمود فى سلسلة أعلام العرب ص ١٩ وألدومييلى ص ٩٩ ومادة جابر فى دائرة المعارف الإسلامية.
(٦) الفهرست ص ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>