للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى علم الأصول كنسبة أرسططاليس إلى علم المنطق وكنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العروض. . فإن الناس كانوا قبله يتكلمون فى مسائل أصول الفقه ويستدلون ويعارضون، ولكن ما كان لهم قانون كلى مرجوع إليه فى معرفة دلائل الشريعة وفى كيفية معارضاتها وترجيحاتها، فاستنبط الشافعى-رحمه الله-علم أصول الفقه، ووضع للخلق قانونا كليّا يرجع إليه فى معرفة مراتب أدلة الشرع، فثبت أن نسبة الشافعى إلى علم الشرع كنسبة أرسططاليس إلى علم العقل (١)». وعاد الشافعى إلى العراق فى سنة ١٩٥ ثم رجع إلى مصر سنة ١٩٨ وتركها إلى مكة ولم يلبث أن عاد إليها وظل بها إلى وفاته. وحمل عنه مذهبه فى مصر تلاميذ كثيرون من أهمهم البويطى المتوفى سنة ٢٣١ وقد انتشر مذهبه فى كثير من بلدان العالم الإسلامى.

وأكبر تلامذة الشافعى فى العراق أحمد بن حنبل المتوفّى سنة ٢٤١ وقد استقل بمذهب فقهى جديد يعلى من شأن الحديث إلى أبعد غاية، وبذلك عدّ ممثلا لأهل السنة، غير أن مذهبه لم يكتب له الانتشار كما كتب للمذاهب الثلاثة السالفة، وإن كان قد ازدهر حديثا بين الوهابيين.

وكان للشيعة فى هذا العصر نشاط مستقل فى الفقه، إذ ينسب للإمام العلوى جعفر الصادق كتب مختلفة فيه مثل كتاب «مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة» المطبوع فى طهران ومثل كتاب «فقه الرضا» لعلى الرضا حفيده وهو كسابقه مطبوع بطهران.

ولعل علما لم يزدهر فى هذا العصر كعلم الكلام، ويراد بالكلام الجدل الدينى فى الأصول العقيدية لا عند المسلمين وحدهم، بل عند جميع الملل والنحل، ومن أجل ذلك نرى الوصف بالمتكلم يضاف إلى بعض الرافضة مثل هشام بن الحكم وشيطان الطاق (٢)، بل نراهم يضيفونه إلى أهل الحجاج من المسيحيين (٣)، بل لقد أضافوه إلى أهل الجدل من المنانية الثنويه القائلين بإلهى النور والظلمة الذين يحامون ويناضلون عن عقيدتهم الفاسدة (٤). وقد مضى كل متكلم مدافع عن


(١) مناقب الإمام الشافعى للرازى ص ١٠٠.
(٢) الفهرست ص ٢٩ - ٢٥٢.
(٣) ثلاث رسائل للجاحظ ص ٢٠.
(٤) الفهرست ص ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>