للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان كثيرا ما يحتفظ فيه بمقدماته القديمة وله فى ذلك قلائد بديعة مثل رائيته فى الخصيب (١):

أجارة بيتينا أبوك غيور ... وميسور ما يرجى لديك عسير

وميميته فى الأمين (٢):

يا دار ما فعلت بك الأيّام ... لم تبق فيك بشاشة تستام (٣)

ويلاحظ أنه لم يكن يطيل مثل بشار فى وصف رحلته بالصحراء وأنه كان يتعمق أكثر منه فى المبالغة حين يلم بنعت الممدوحين كقوله فى الرشيد (٤):

وأخفت أهل الشّرك حتى إنه ... لتخافك النّطف التى لم تخلق

وقوله أيضا فيه (٥):

ملك تصوّر فى القلوب مثاله ... فكأّنه لم يخل منه مكان

وقوله فى الأمين مخاطبا ناقته (٦):

يا ناق لا تسأمى أو تبلغى ملكا ... تقبيل راحته والرّكن سيّان

محمد خير من يمشى على قدم ... ممّن برا الله من إنس ومن جان

ونراه فى هذه القصيدة يضفى على الأمين هالة كبيرة من القدسية والجلال حتى ليشبهه بالرسول صلى الله عليه وسلم على الرغم مما كان يتردّى فيه من لهو ومجون، واستطرد فى تضاعيف ذلك يقرر حق العباسيين فى الخلافة رادّا ردّا عنيفا على بنى عمهم العلويين. ومن مبالغاته الطريفة قوله فى بعض ممدوحيه (٧):

تغطّيت من دهرى بظلّ جناحه ... فعينى ترى دهرى وليس يرانى

فلو تسأل الأيام ما اسمى لمادرت ... وأين مكانى ما عرفن مكانى

وجانب آخر فى بعض مدائحه يمتاز به من بشار فإنه كان يعمد كثيرا إلى


(١) الديوان ص ٩٨.
(٢) الديوان ص ٦٣.
(٣) تستام: ترى.
(٤) الديوان ص ٦٢.
(٥) الديوان ص ٥٩.
(٦) الديوان ص ٦٥ وما بعدها.
(٧) الديوان ص ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>