للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقرطق يمشى أما ... م القوم كالرّشا الغرير (١)

بزجاجة تستخرج السّ‍ ... رّ الدفين من الضمير

زهراء مثل الكوكب ال‍ ... دّرّىّ فى كفّ المدير

ومخصّرات زرننا ... بعد الهدوّ من الخدور (٢)

يرفلن فى حلل المحا ... سن والمجاسد والحرير (٣)

والمقدمة تكتظ على هذا النحو بغير قليل من مشاعر الفرح والبهجة.

وقد مرّ بنا تدلهه بعتبة، وله فيها غزل كثير، وهو فيه رقيق رقة بالغة، وأكبر الظن أن رقته فيه جاءته من تخنثه القديم، حتى ليقول ابن قتيبة إن غزله يشاكل طبائع النساء، وكأنما سرت فيه مشاعرهن، وهى مشاعر تقترن عنده بالتذلل والتضرع على شاكلة قوله:

بسطت كفّى نحوكم سائلا ... ماذا تردّون على السائل

إن لم تنيلوه فقولوا له ... قولا جميلا بدل النائل

أو كنتم العام على عسرة ... ويلى فمنّوه إلى قابل

ويقول ابن المعتز معلقا على هذه الأبيات: «لهذا الشعر من قلوب النساء موقع الزلال البارد من الظمآن لرقته (٤)». وعلى نفس هذا المثال قوله فى عتبة أيضا (٥):

كأنها من حسنها درّة ... أخرجها اليمّ إلى السّاحل

كأن فى فيها وفى طرفها ... سواحرا أقبلن من بابل

لم يبق منى حبّها ما خلا ... حشاشة فى بدن ناحل

يا من رأى قبلى قتيلا بكى ... من شدّة الوجد على القاتل


(١) مقرطق: يلبس القرطق وهو ثوب ذو طاق واحد.
(٢) مخصرات: دقيقات الحصور. الهدو من الليل: أوائله.
(٣) يرفلن: يتبخترن. المجاسد: القمصان الداخلية الرقيقة.
(٤) ابن المعتز ص ٢٣٠.
(٥) أغانى ٤/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>