للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنى نلت من مضر وخبّت ... إليك شكيتّى خبب الجواد (١)

لقد جازيت بالإحسان سوءا ... إذن وصبغت عرفك بالسّواد (٢)

وما سافرت فى الآفاق إلا ... ومن جدواك راحلتى وزادى (٣)

ولم يقبل ابن أبى دؤاد استعطافه فاستشفع عنده بخالد بن يزيد بن مزيد الشيبانى ودبّج فيه قصيدة يستدرّ عطفه بها، موازنا بين استشفاعه عنده بخالد واستشفاع يزيد بن المهلب قديما بسليمان بن عبد الملك عند أخيه الوليد وعفوه عنه. ونراه يحاول أن يبرئ ساحته مما قرف به وأنه كيد حاسد لعل له فضلا إذ يذيع فضائله وما يلبث أن يقول (٤):

لولا التخوّف للعواقب لم تزل ... للحاسد النّعمى على المحسود (٥)

ولأبى تمام أوصاف كثيرة فى المطر والسحاب والشتاء وفى بعض الخلع التى كانت تهدى إليه وبعض الخيل. وله غزل مفرد عن مقدمات مدائحه، ولكنه لا يبلغ روعة ما يجلبه منه فى تلك المقدمات. وله زهديات قليلة وأهاج مختلفة، وهو لا يجيد فى الهجاء، ويقول الصولى إنه كان لا يجيب هاجيا له حتى لا يستدرّ سبّه (٦).

أما الفخر فله فيه قصائد ينوّه فيها بقومه من طيئ تنويها على شاكلة قوله يصور مكارمهم ومحامدهم (٧):

أنا ابن الذين استرضع الجود فيهم ... وسمّى فيهم وهو كهل ويافع

مضوا وكأن المكرمات لديهم ... لكثرة ما أوصوا بهنّ شرائع

بهاليل لو عاينت فيض أكفّهم ... لأيقنت أن الرزق فى الأرض واسع (٨)

وتتوهج فى مقدمات قصائده قطع كثيرة تصور طموحه واعتداده بنفسه اعتدادا لا حدّ له، اعتداد النفوس الكبيرة التى تسعى إلى الكمال واجدة لذتها فى هذا السعى


(١) خبت: من الخبب وهو ضرب من عدو الفرس.
(٢) العرف: الجود.
(٣) جدواك: عطاؤك.
(٤) الديوان (طبع دار المعارف) ١/ ٤٠٢
(٥) يريد أنه لولا أن الحسد مذموم لكان الحاسد فضل على المحسود لأنه يظهر فضله وينشر محامده.
(٦) الصولى ص ٢٤١.
(٧) الديوان (طبعة بيروت) ص ٤٢٧.
(٨) بها ليل: سادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>