للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلفه المنصور، فأغدق عليه من صلاته السّنية وأغدق عليه السيد الحميرى من مدحه بمثل قوله:

إن الإله الذى لا شئ يشبهه ... أعطاكم الملك للدّنيا وللدّين

أعطاكم الله ملكا لا زوال له ... حتى يقاد إليكم صاحب الصين

وصاحب الهند مأخوذا برمّته ... وصاحب التّرك محبوسا على هون

ومدح من بعده ابنه المهدى وظن طه حسين أن السيد الحميرى كان فى هذا المدح منافقا، فهو لا يستحلّ أن يظهر غير ما يضمر وأن يمدح بنى العباس بلسانه ويلعنهم فى قلبه، فيظفر بمالهم ويتقى شرهم، كان يستحلّ ذلك كما كانت تستحلّه عامة الشيعة الذين كانوا يقولون بمذهب التقية (١)». ولا تقية ولا نفاق، وإنما شاعر كيسانى بمدح أوصياء عقيدته الكيسانية الذين أدالوا من بنى أمية وسلطانهم الجائر، وهو بعد ذلك مخلص فى كيسانيته إخلاصا بعيدا حتى ليؤمن بأن محمد ابن الحنفية حىّ وأنه راجع يوما يقول:

حتى متى؟ وإلى متى؟ ومتى المدى؟ ... يا بن الوصىّ وأنت حىّ ترزق

ويروى أن شيطان الطاق محمد بن على بن النعمان أحد متكلمى مذهب الشيعة الإمامية ناظره يوما فى عقيدته الكيسانية يريد أن يجذبه إلى عقيدته، وغلبه فى مناظرته، غير أن السيد لم يلبث أن أنشأ قصيدة أدارها على أبيات كثيّر سلفه الكيسانى فى العصر الأموى التى تجرى على هذا النمط:

ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحقّ أربعة سواء

علىّ والثلاثة من بنيه ... هم أسباطه والأوصياء

فسبط سبط إيمان وحلم ... وسبط غيّبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى ... يقود الخيل يقدمها اللّواء

والسبط الأول الحسن والثانى الحسين المقتول بكربلاء. والثالث إمامه محمد بن الحنفية، وكثيّر يقول إنه لا يزال حيّا لم يذق الموت وأنه سيعود فى جيش لجب


(١) حديث الأربعاء ٢/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>