ويقال إن المأمون كان إذا سمع هجاءه فيه أو فى بعض وزرائه ضحك، وكان ذلك يدفعه إلى التمادى حتى ليقول له مهددا وكأنه يهدده بلسان أهل قم:
إنى من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرّفتك بمقعد
وهو يشير إلى أن طاهر بن الحسين قائد المأمون وقاتل أخيه الأمين من موالى قبيلته خزاعة. على أن هذا الولاء الطاهر لم ينفعه عنده، فقد رماه بسهم لاذع من سهام هجائه التى كان ما ينى يرسلها على جميع من حوله، وكان طاهر أعور، ويلقب بذى اليمينين، فقال:
وذى يمينين وعين واحده ... نقصان عين ويمين زائده
وولىّ وجهه نحو صديقه القديم مسلم بن الوليد، وكان الحسن بن سهل ولاّه يريد جرجان، فجفاه ولم يلقه، وأثّر ذلك فى نفس دعبل، غير أنه لم يعمد إلى هجائه، خوفا من لسانه، وقد مر بنا كيف كان مسلم يقذع فى هجائه وكيف كان يريشه سهاما مصمية، وكأنما خشى دعبل معرة هجائه إن هو عرض له بالهجاء، فعاتبه عتابا رقيقا بأبياته المعروفة: