ولا يلمّ به مرض هو أو أبوه إلا ويكثر من دعائه لهما بالشفاء وفى يحيى يقول وقد أخذته علة:
إذا ما الموت أخطأه فلسنا ... نبالى الموت حيث غدا وراحا
ولما استأذن من الرشيد أن يجاور بمكة لسنة ١٨١ ظل يردد افتقاد بغاة الخير له وحزنهم لطول غيبته من مثل قوله:
قد غاب يحيى فما أرى أحدا ... يأنس إلا بذكره الحسن
أوحشت الأرض حين فارقها ... من الأيادى العظام والمنن
لولا رجاء الإياب لا نصدعت ... قلوبنا بعده من الحزن
ويروى صاحب الأغانى أن جعفرا ولاه عملا، فرفع إليه أهله شكايات كثيرة متظلمين منه، فصرفه جعفر عنهم، فلما رجع إليه من عمله مثل بين يديه وأنشده قصيدة طويلة يقول فيها:
لقد هزّت سنان القول منى ... رجال وقيعة لم يعرفونى
أطافوا بى لديك وغبت عنهم ... ولو أدنيتنى لتجنّبونى
فوصله جعفر وخلع عليه. وظل يتغنى بجعفر وبأبيه وأسرته حتى نكبهم الرشيد، فتحسر عليهم طويلا ومن قوله فيهم:
كأنما أيامهم كلها ... كانت لأهل الأرض أعيادا
وجعلته صلته بالبرامكة يمدح كتّابهم وأصحابهم من مثل إسماعيل بن صبيح، ومن جيد قوله فيه:
له نظر لا يغمض الأمر دونه ... تكاد ستور الغيب عنه تمزّق
ولعله لم يكثر من مديح صاحب لهم كما أكثر من مديح محمد بن منصور ابن زياد. وقد مضى بعد نكبتهم يحاول القربى من الرشيد، وأوصله له حاجبه ووزيره الفضل بن الربيع قائلا له: «هو أشعر شعراء أهل الزمان وقد اقتطعه