للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنك البرامكة فأمر بإيصاله مع الشعراء» وقد تغنى بانتصاراته على نقفور وجنوده وفتحه لهرقلة غناء حارّا، من مثل قوله:

برقت سماؤك فى العدوّ وأمطرت ... هاما لها ظلّ السيوف غمام (١)

وعلا عدوّك يا بن عمّ محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام

فإذا تنبّه رعته وإذا غفا ... سلّت عليه سيوفك الأحلام

ولما بلغ هذا البيت فى القصيدة اهتز الرشيد، وأمر بأن ينثر عليه الدر إعجابا واستحسانا، وله يقول من قصيدة أخرى وقد جلس للشعراء عقب هذا الفتح فى يوم عيد:

لا زلت تنشر أعيادا وتطويها ... تمضى بها لك أيّام وتمضيها

وليهنك الفتح والأيام مقبلة ... بالنصر والعزّ معقودا نواصيها

أمست هرقلة تهوى من جوانبها ... وناصر الله والإسلام يرميها

وكان الرشيد يكثر من حجه إلى البيت الحرام ومن جهاده العنيف للروم، قاسما سنيه بين حج وغزو، فصور ذلك أشجع تصويرا بديعا فى قصيدة استقبله بها فى يوم قدوم له من حج بإحدى السنوات، وفيها يقول:

ألف الحجّ والجهاد فما ين‍ ... فكّ من سفرتين فى كل عام

سفر للجهاد نحو عدوّ ... والمطايا لسفرة الإحرام (٢)

طلب الله فهو يسعى إليه ... بالمطايا وبالجياد السّوام

فيداه يد بمكة تدعو ... هـ وأخرى فى دعوة الإسلام

وله مدائح مختلفة فى الفضل بن الربيع. وكان يجيد الرثاء كما كان يجيد المديح، إذ كان يعرف كيف يمس القلوب وكيف يستثير الحزن فى الصدور، على نحو ما يلقانا فى رثائه لمحمد بن منصور بن زياد، وفيه يقول:


(١) الهام: الرءوس.
(٢) جعل المطايا أى الإبل رمزا للحج والجياد رمزا للجهاد، والسوام: من سامت الريح: إذا مرت واستمرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>