للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى طليعتهم معن بن زائدة الشيبانى والى اليمن للمنصور هم سجستان، وهو ممدوح مروان بن أبى حفصة كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع، ومن مدّاحه مطيع بن إياس والحسين بن مطير، وله فيه حين توفى مرثية بديعة أنشدنا قطعة منها فى غير هذا الموضع. وطبيعى أن يكثر فى هذا العصر مديح ولاة البصرة والكوفة. ويتردّد مديح الأولين فى ديوان بشار حتى وفاته، كما يتردّد الثانون فى أشعار الكوفيين ترددا أوسع من أن يحصى ويستقصى. وكان فى كل ولاية شعراء من أهلها لا يزالون يمدحون ولاتها، وكان كثير من شعراء العراق يفدون عليهم لأخذ جوائزهم، ويكفى لتصوير ذلك أن نرجع إلى مصر فسنرى بها شعراء من الطبقة الثانية لا يزالون يمدحون من يتولى عليها على نحو ما يصور لنا ذلك كتاب الولاة والقضاة للكندى. وقد رحل إليها غير شاعر مقدّما مدائحه لولاتها الذين اشتهروا بجودهم، ظافرا منهم بالصلات السنية، ومن ولاتها الأجواد لعهد المنصور يزيد بن حاتم بن قبيصة المهلبى ممدوح بشار وربيعة الرّقّى، وقد قدم عليه فى ولايته ابن المولى ومدحه بقصائد كثيرة من مثل قوله:

يا واحد العرب الذى ... أضحى وليس له نظير

لو كان مثلك آخر ... ما كان فى الدنيا فقير

ويقال إنه أعطاه فى هذه القصيدة عشرين ألف دينار (١). غير ما أعطاه فى قصائده الأخرى. وقد عرضنا فى حديثنا عن أبى نواس لرحلته إلى الخصيب صاحب خراجها وما أغدق عليه من برّه، كما عرضنا فى حديثنا عن أبى تمام لرحلته إلى عياش بن لهيعة الحضرمى. وما كان من اتصاله بولاتها المختلفين، وصوّرنا من بعض الوجوه مدائحه لبعض ولاة دمشق والموصل وديار ربيعة وأذربيجان والثغور.

ومرّت بنا أيضا مدائح دعبل للمطلب الخزاعى حين ولى مصر وكيف أشاد به أولا ثم هجاه.

وليس من شك فى أن طاهر بن الحسين وابنه عبد الله هما أهم ولاة تغنّى بهما الشعراء، إذ جذبا إلى ولايتهما فى خراسان غير شاعر، ومن مدّاح طاهر الرقاشى وأبو العميثل والشاعر الملقب بالصينى، على نحو ما يصوّر لنا ذلك ابن المعتز،


(١) أغانى (دار الكتب) ٣/ ٢٨٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>