للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول فى ترجمة عوف بن محلّم الخزاعى: «كان معدودا من الشعراء الظرفاء المحدّثين وكان طاهر بن الحسين قد استخصّه واختاره لمنادمته، فكان لا يفارقه فى سفر ولا حضر. . ومما سار له فى الدنيا قوله له إذ وقف على الجسر فى حرّاقة (١) ينحدر إلى دار الخليفة، فقال رافعا صوته:

عجبت لحرّاقة ابن الحس‍ ... ين كيف تسير ولا تغرق

وبحران: من تحتها واحد ... وآخر من فوقها مطبق

وأعجب من ذاك عيدانها ... وقد مسّها كيف لا تورق

وكان ابنه عبد الله على مثاله جودا وشجاعة وسماحة، ويقال إنه لما ولاه المأمون مصر لسنة ٢١١ أعطاه مالها لعام: خراجها وضياعها، فوهبه كله وفرّقه فى الناس، وقد لهج الشعراء فيها بمديحه وفى مقدّمتهم معلّى الطائى وله يقول (٢):

لو أصبح النّيل يجرى ماؤه ذهبا ... لما أشرت إلى خزن بمثقال

تفكّ باليسر كفّ العسر من زمن ... إذا استطال على قوم بإقلال

وما بثثت رعيل الخيل فى بلد ... إلا عصفن بأرزاق وآجال

وقد لزمه فى ولايته على خراسان كثير من الشعراء أمثال أبى العميثل وعوف بن محلم الخزاعى شاعرى أبيه، وله يقول عوف من قصيدة طويلة (٣):

يا بن الذى دان له المشرقان ... وألبس الأمن به المغربان

وهو ممدوح على بن جبلة وأبى تمام والعتّابى، وله يقول (٤):

ودّك يكفينيك فى حاجتى ... ورؤيتى كافية عن سؤال

وكيف أخشى الفقر ما عشت لى ... وإنما كفّاك لى بيت مال

وعلى نحو ما مدح الشعراء الولاة ونوّهوا بهم طويلا مدحوا القواد أمداحا رائعة، ومدائح بشار وأبى العتاهية فى عمر بن العلاء الذى قضى على المحمرة بجرجان لعهد المهدى


(١) الحراقة: ضرب من السفن.
(٢) أغانى (دار الكتب) ١٢/ ١٠٢.
(٣) ابن المعتز ص ١٨٨.
(٤) أغانى ١٣/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>