للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساليبه وما يجرى فيها من حسن التأليف والتئام الكلم وجودة المقاطع وحلاوة البيان وعذوبته. وحتى الخطّ كان لا بد للكاتب العباسى من إجادته.

ومن ينظر نظرة عامة فى موضوعات الرسائل الديوانية لهذا العصر يلاحظ أنها كانت تتناول تصريف أعمال الدولة وما يتصل بها من تولية الولاة، وأخذ البيعة للخلفاء وولاة العهود، ومن الفتوح والجهاد ومواسم الحج والأعياد والأمان وأخبار الولايات وأحوالها فى المطر والخصيب والجدب، وعهود الخلفاء لأبنائهم، ووصاياهم ووصايا الوزراء والحكام فى تدبير السياسة والحكم. وأيضا فإنها أخذت تتناول بعض الأغراض التى كان يتناولها الشعر من تهنئات وتعزيات وشكر مما سنعرض له فى الرسائل الإخوانية التى تصور عواطف الأفراد، وقد تفننوا حينئذ طويلا فى التحميدات التى تصدّر بها الرسائل، وتنسب إلى الرشيد أنه أول من أمر أن تبتدئ مكاتباته بعد البسملة بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم (١).

وفى رواية ثانية أن يحيى البرمكى وزيره أول من زاد فى الرسائل: «وأسأله أن يصلى على محمد عبده ورسوله» وأنه أنشأ فى ذلك كتابا ذكر فيه فضل الأنبياء عليهم السلام (٢).

ونحن نقف بعد طائفة من الكتاب النابهين مرتبين لهم على عهود الخلفاء وأول كاتب لمع اسمه فى مطالع العصر عمارة بن حمزة كاتب السفاح والمنصور وقد ولاه الأخير فى سنة ١٥٦ على كور دجلة والأهواز وفارس ثم ولاه المهدى خراج البصرة، وعاش حتى سنة ١٩٩ للهجرة (٣)، وكان المهدى يجلّه، وكان جوادا غير أنه كان فيه تيه شديد حتى ضرب المثل بتيهه، فقيل أتيه من عمارة، وتروى له فى التيه والكرم حكايات كثيرة. وهو أحد الكتاب البلغاء وقد اشتهر بتدبيجه لأول رسالة من رسائل الخميس، وهى رسالة كانت تكتب فى عهد كل خليفة عباسى، وكان موضوعها تأييد الدعوة العباسية وتأييد الخليفة الحاضر وتعداد مناقبه وبيان مآثره وأنه أحق أهل بيته بالخلافة. واشتهر أيضا برسالة


(١) النجوم الزاهرة ٢/ ١٠٣.
(٢) الوزراء والكتاب للجهشيارى ص ١٧٧.
(٣) النجوم الزاهرة ٢/ ١٦٤ وانظر فى ترجمته الفهرست لابن النديم ص ١٧١ ومعجم الأدباء ١٥/ ٢٤٢ والجهشيارى ص ٩١، ١٣٣ وفى مواضع أخرى متفرقة، راجع الفهرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>