للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الحمد لله الذى عظّم الإسلام واختاره وأوضحه وأناره وأعزّه وأنافه (أعلاه) وشرّفه، وأكمله، وتمّمه، وفضّله، وأعزّه، ورفعه، وجعله دينه الذى أحبّه واجتباه (اختاره) واستخلصه وارتضاه، واختاره واصطفاه، وجعله الدين الذى تعتدّ به ملائكته وأرسل بالدعاء إليه أنبياءه وهدى له من أراد إكرامه وإسعاده من خلقه فقال جلّ من قائل: {(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)} وقال جلّ وعلا: {(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)} وقال:

{(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ)}. فبهذا الإسلام والدخول فيه والعلم به وأداء شرائعه والقيام بمفروضاته وصلت ملائكته ورسله إلى رضوان الله ورحمته، وجواره فى جنّته، وبه تحرّزوا من غضبه وعقوبته، وأمنوا نكال عذابه وسطوته».

فقال المنصور: حسبك يا مسعدة، اجعل هذا صدر الكتاب إلى أهل الجزيرة بالإعذار والإنذار. وفى جوانب من التحميد أسجاع مما يدل على القصد إلى العناية الفنية وأن الكاتب يريد أن يأسر الأسماع بجمال الجرس والأداء.

ومن كتّاب المنصور أيضا يوسف (١) بن صبيح، وكان يكتب، فى ديوان الكوفة لبنى أمية، ثم كتب لعبد الله بن على عم المنصور فى مطلع الدولة العباسية، حتى إذا أخفقت ثورته على ابن أخيه واستتر بالبصرة عند إخوته لجأ يوسف إلى أصحابه من الكتاب فى ديوان المنصور، فألحقوه به. ويظهر أنه ظل يعمل فى ديوان الخلافة، حتى إذا كان البرامكة قربوه، فكان يختلف بين دواوينهم ودواوين الرشيد، ومن مأثور ما يروى له رسالة قصيرة كتبها عن عبد الله بن على إلى ابن أخيه السفاح يعزيه عن ابن له على هذا النمط (٢):

«أما بعد فإن أحق الناس بالرضا والتسليم لأمر الله جلّ وعرّ من كان إماما لخلق الله وخليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتعزّ أمير المؤمنين بفهمك، وارجع فى وعد الله جلّ وعز من الصابرين إلى علمك».

ومن الكتّاب لعصر المنصور جبل بن يزيد كاتب عمارة بن حمزة وفيه يقول صاحب الفهرست: «كان مترجما وكان من معدودى البلغاء والبرعاء (٣)» وقد


(١) انظر فى ترجمته الأوراق للصولى (أخبار الشعراء) ص ١٤٦ والجهشيارى ١٣١، ١٧٥.
(٢) جمهرة رسائل العرب ٣/ ٩.
(٣) الفهرست ص ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>