للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيات وزيرهما، وسنخصه بحديث مفصل فى الفصل التالى، وممن اشتهر ببلاغته حينئذ إبراهيم بن العباس الصولى، وقد عمل فى دواوين المأمون ووزيره الحسن بن سهل، وتولى الأهواز حينا من الزمن وعزله عنها ابن الزيات، فوجّه إليه باستعطافات طريفة، ونحن نؤخر الحديث عنه إلى العصر العباسى الثانى، إذ تولى ديوان الرسائل فيه للمتوكل وكتب عنه كثيرا، مما يجعله أحق بوضعه فيه.

وقد تولى ابن الزيات وزارة المعتصم وعلى ديوان الرسائل عبد الله بن الحسن الأصبهانى ويروى صاحب (١) الأغانى أنه كتب عن المعتصم إلى قائده وواليه على أرمينية خالد ابن يزيد بن مزيد:

«إن المعتصم أمير المؤمنين ينفخ منك فى غير فحم، ويخاطب امرءا غير ذى فهم».

فقال محمد بن عبد الملك الزيات: هذا كلام ساقط سخيف جعل أمير المؤمنين ينفخ بالزّق كأنه حدّاد. وأبطل الكتاب. ثم كتب محمد بن عبد الملك إلى عبد الله بن طاهر:

«وأنت تجرى أمرك على الأربح فالاربح، والأرجح فالأرجح، لا تسعى بنقصان، ولا تميل برجحان» فقال عبد الله الأصبهانى: الحمد لله! قد أظهر من سخافة اللفظ ما دل على رجوعه إلى صناعته من التجارة (٢)، بذكره ربح السلع ورجحان الميزان ونقصان الكيل والخسران من رأس المال. فضحك المعتصم وقال: ما أسرع ما انتصف الأصبهانى من محمد، وحقدها عليه ابن الزيات حتى نكبه».

واستخدم ابن الزيات بعده على ديوان الرسائل الحسن (٣) بن وهب، وهو من بيت قديم فى الكتابة إذ خدم أجداده فى دواوين الأمويين، جدّا بعد جد، حتى إذا آلت الخلافة إلى العباسيين توالى أجداده يعملون فى دواوينهم. وقد كتب جده سعيد وأبوه وهب للبرامكة، وعمل وهب فى دواوين الفضل بن سهل


(١) انظر الأغانى ٢٠/ ٤٩.
(٢) يشير إلى حرفة أبيه إذ كان تاجرا بالكرخ.
(٣) انظر فى أخبار الحسن بن وهب وترجمته الفهرست ص ١٧٧ وترجمته أخيه سليمان فى ابن خلكان والأغانى ٢٠/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>