للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القداحين عملوا على اغتيالهما، واتّخذ زكرويه أداة لتنفيذ هذا الاغتيال.

وعلى هذا النحو صارت رياسة الدعوة فى سواد الكوفة والعراق إلى زكرويه الدّندانى، وكان أعظم نشاطا من حمدان قرمط وصهره عبدان، ولما رأى الدولة تتعقب القرامطة بسواد الكوفة وأنه لا غناء عندهم سعى فى استغواء البدو من أسد وطيئ وتميم وغيرهم، وتابعته منهم جماعات، غير أن كثرة البدو المحيطين بجنوبى العراق لم تستجب له، فأرسل أولاده يحيى والحسين ومحمدا إلى عشائر قبيلة كلب فى بادية السماوة بين العراق والشام، فأصاخوا لهم وبايعوهم، وكان مما زعموه لهم أنهم من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، حتى إذا رأوهم يدعونهم إلى العقيدة القرمطية نفروا منهم ولم يتابعهم إلا بنو العليص، إذ بايعوا فى آخر سنة ٢٨٩ يحيى بن زكرويه متلقبا لهم بالشيخ وزاعما أنه أبو عبد الله على بن محمد ابن إسماعيل بن جعفر الصادق، وقيل بل زعم أن اسمه محمد بن عبد الله. وزعم لهم فيما زعم أن أباه-ودعاه أبا محمود-يدعو له، وأنه يتبعه فى السواد بالعراق وفى المشرق والمغرب مائة ألف، وأيضا زعم لهم فيما زعم أن ناقته التى يركبها مأمورة، وأنهم إذا اتبعوها فى لقاء عدوّ نزل عليهم الفتح المبين، وتكهّن لهم أو ادعى فيهم الكهانة، وأظهر لهم عضدا له ناقصة، وذكر أنها آيته (١). ومضى فى سنة ٢٩٠ بمن تبعوه يعيث فسادا فى المدن السورية، وكانت تتبع حينئذ الدولة الطولونية، وكانت تعانى من ضعف شديد، وكانت قد ولت عليها طغجا الإخشيدى قبل ولايته على مصر، فأرسل لابن زكرويه جيشا سرعان ما هزم وقتل قائده (٢). وقصد ابن زكرويه الرقة فى جمع كثير يقتل وينهب، وواقع هناك جيشا للخليفة المكتفى وهزمه وقتل قائده. وحاصر دمشق غير أنها صمدت لحصاره، وسرعان ما قتل على أبوابها، فبايع أتباعه أخاه الحسين ونادوا به خليفة من بعده، وزعم لهم بدوره أنه أحمد بن عبد الله بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وأظهر لهم شامة فى وجهه الملثّم ذكر أنها آيته، ولذلك سمّى بصاحب الشامة، ووفد عليه ابن عم له يسمى عيسى بن مهرويه، فزعم أنه مثنه من نسل جعفر الصادق ولقّبه المدّثّر، وزعم أنه المقصود بسورة المدثر (٣)! وأجابه كثير


(١) طبرى ١٠/ ٩٥.
(٢) طبرى ١٠/ ٩٧.
(٣) طبرى ١٠/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>