للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسمى محمدا-عاث ببعض الأعراب فى نواحى دمشق لسنة ٢٩٣ ثم صار إلى طبرية فغلب عليها ودخلها وقتل عامة أهلها من الرجال والنساء ونهبها وانصرف إلى ناحية البادية (١). وأرسل زكرويه فى السنة نفسها داعية له إلى بادية الشام يسمى أبا غانم، فالتفّ حوله كثيرون وانتهب بهم بعض المدن القريبة من البوادى مثل بصرى وأذرعات، وتعقبتهم جنود الخلافة من ماء إلى ماء، وقتل أبا غانم أحد أتباعه (٢) فقضى على تلك الثورة. وبذلك تنتهى حركة زكرويه فى بوادى الشام، إذ يقضى العباسيون عليهم هناك قضاء مبرما، وأحكم لهم ذلك أنهم قضوا فى الوقت نفسه على الدولة الطولونية التى كانت قد ضعفت ضعفا شديدا، مما مكن لزكرويه وأبنائه وأتباعه أن يحدثوا هناك شغبا وفتنا كثيرة.

واستعادت الدولة سيطرتها كاملة على سواد الكوفة ومن كان به من أتباع زكرويه ويذكر المؤرخون أنه أنفذ إلى البدو داعية له من أهل السواد يسمى القاسم بن أحمد يدعوهم للخروج معه ومع شيعته من سواد الكوفة، واجتمع له كثيرون، حتى إذا كان المحرم من سنة ٢٩٤. هاجم قوافل الحجاج فى أوبتها من المسجد الحرام ونهب جميع ما كان معها من الأموال مما قدّرت قيمته بنحو مليونين من الدنانير وقتل من الحاج نحو عشرين ألفا، وبلغ النبأ بغداد، فندب له الخليفة المكتفى وصيف بن صوارتكين فى جيش جرار، فلقيه فى الرابع من شهر ربيع الأول وقتل من شيعته مقتلة عظيمة، وخلص بعض الجند إلى زكرويه فضربه بالسيف وهو فارّ ضربة اتصلت برأسه، فاستسلم، وأخذه أسيرا، وأسروا نائبه وخواصه وابنه وأقاربه وكاتبه وامرأته، وحمل وهو جريح فتوفى فى الطريق إلى بغداد من أثر الضربة (٣). وبذلك قضى على حركة زكرويه فى سواد الكوفة وبوادى الشام قضاء نهائيّا.

وإذا كانت حركة القرامطة قد باءت فى هاتين المنطقتين بإخفاق ذريع فإنها نجحت إلى حد بعيد فى منطقة الأحساء والبحرين على يد أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنّابى الذى مرّ ذكره آنفا، وكان من كبار دعاة حمدان قرمط، واستطاع أن


(١) طبرى ١٠/ ١٢١ والنجوم الزاهرة ٣/ ١٥٨.
(٢) طبرى ١٠/ ١٢٢.
(٣) طبرى ١٠/ ١٢٤ وعريب ص ١١ والنجوم الزاهرة ٣/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>