للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤسس هناك دولة ظلت آمادا متطاولة إلى نحو منتصف القرن الرابع إذ دخلوا منذ سنة ٣٥٨ فى طاعة الخليفة العباسى وخطبوا له على المنابر. وكانت تسود فى دولة أبى سعيد الروح الاشتراكية التى بثّها أستاذه حمدان قرمط، وعظم أمره. وكثيرا ما كان يحدث لعهد الخليفة المكتفى أن يتقدم بجنوده نحو البصرة، وتلقاه جيوش الخلافة، ويقتتل الطرفان قتالا شديدا (١). وما زال يسوس دولته، حتى قتله غلام له صقلبى فى سنة ٣٠١ وقتل معه جماعة من قواده (٢)، فقام بالأمر من بعده ابنه أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنّابىّ، ونراه يهاجم البصرة بأتباعه بمجرد استيلائه على الحكم (٣)، حتى إذا كانت سنة ٣٠٧ عاد إلى مهاجمتها وإعمال النهب والسلب فيها (٤). ودخلها لسنة ٣١١ فى ألف وسبعمائة من أتباعه، وضعوا السيف فى أهلها، وقتلوا واليها سبكا المفلحى، وأحرقوا المربد وبعض الجامع ومسجد قبر طلحة، وظل بها سبعة عشر يوما يحمل على إبله ما نهبه من الأموال والمتاع (٥). وفى السنة التالية رصد الحاجّ فى مقدمهم من مكة لشهر المحرّم وأخذ يوقع بقوافلهم، وينهب الأموال، ويأسر ويقتل، وجاء الخبر إلى بغداد بذلك فوقع النّوح والبكاء وخرج النساء منشّرات الشعور مسوّدات الوجوه يلطمن ويندبن (٦). وفى سنة ٣١٣ سار الحجاج من بغداد ومعهم جعفر بن ورقاء فى ألف فارس، فلقيهم أبو طاهر، فناوشهم بالحرب، فخاف الناس ورجعوا إلى بغداد، فاتجه إلى الكوفة، فقاتلوه ورجحت كفته ودخل البلدة وأقام بها ستة أيام ينهب ويسلب، وكان مما نهبه منها أربعة آلاف ثوب وشى وثلثمائة راوية زيت (٧). وفى سنة ٣١٥ خرج فى ألف فارس وخمسة آلاف راجل متجها إلى الكوفة، وعلم المقتدر فجهّز لحربه يوسف بن أبى الساج فى عشرين ألفا، وتقاتلا على أبواب الكوفة، ودارت الدوائر على ابن أبى الساج وأسر جريحا، وقتلت جماعة كثيرة من أصحابه. وبلغ ذلك المقتدر فراعه الخبر، وندب مؤنسا لقتاله، فخرج بالعساكر إلى الأنبار فى أربعين ألفا، وانضم إليه أبو الهيجاء بن حمدان وإخوته فى أصحابهم وأعوانهم، ووقعت بينهما


(١) طبرى ١٠/ ٧٥، ٧٩، ٨٥.
(٢) طبرى ١٠/ ١٤٨ والهمدانى ص ١٤ والنجوم الزاهرة ٣/ ١٨٢.
(٣) الهمدانى ص ١٤.
(٤) النجوم الزاهرة ٣/ ١٩٧.
(٥) الهمدانى ص ٤٠ والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٠٧.
(٦) الهمدانى ص ٤٣ والنجوم الزاهرة ٣/ ٢١١.
(٧) الهمدانى ص ٤٨ والنجوم الزاهرة ٣/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>