للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودهاليزها وممراتها وصحونها بالجند والسلاح، وابتدأ ذلك من باب الشّمّاسية إلى دار الخلافة، وكان عدد الجند مائة وستين ألفا بالدروع والسلاح ومن تحتهم الخيل بسروج الذهب والفضة، وكان عدد الغلمان سبعة آلاف خادم وسبعمائة حاجب بالبزّة الرائقة والسيوف والمناطق المحلاة. وكان فى دجلة الشذاءات والطيارات والزبازب والشبّارات والزلالات والسّميريّات (سفن شتى) بأفضل زينة وعلى أحسن تعبئة.

وسار رسل ملك الروم ومن معهم من المواكب إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة، ودخلوا قصر الجوسق بين بستانين رائعين، ورأوا بركة عجيبة يمدّها جدول وبها أربع طيارات مذهبة مزينة بالدبيقى المطرز، ثم أدخلوا قصر الشجرة، وهى شجرة من الفضة كانت قائمة وسط بركة مدورة، ولها ثمانية عشر غصنا عليها الطيور والعصافير المذهبة والمفضضة تصفر، والشجرة تتمايل وورقها يتحرك على نحو ما تحدث الرياح للأشجار الطبيعية، ثم أدخلوا إلى قصر الفردوس وبه من الفرش ما لا يقوّم، وفى الدهاليز عشرة آلاف درع مذهبة معلقة (١)، مما راع رسل ملك الروم روعة شديدة.

ويقول هلال بن المحسن الصابى جرت العادة أن يكون جلوس الخليفة على كرسى مرتفع فى عرش أرمنى من الحرير أو من الخز وأن يلبس قباء أسود من الإبريسم (الحرير) وعلى رأسه معممة سوداء، ويتقلّد سيف الرسول عليه السلام ويلبس خفّا أحمر ويضع بين يديه مصحف عثمان وعلى كتفيه بردة النبى صلى الله عليه وسلم ويمسك بقضيبه، ويقف الغلمان والخدم من خلف السرير وحواليه متقلدين بالسيوف، وفى أيديهم الطّبرزينات والدّ بابيس (من أسلحة الحروب).

وكان يقوم من وراء السرير وجانبيه خدم صقالبة يذبّون عن الخليفة بالمذابّ المقمّعة بالذهب والفضة، وتمدّ أمامه ستارة ديباج إذا دخل الناس رفعت، وإذا أريد صرفهم مدّت. ورتب فى الدار قريبا من المجلس خدم بأيديهم قسىّ البندق يرمون بها الغربان والطيور لئلا ينعب ناعب أو يصوّت مصوّت. ترف ليس فوقه ترف، حتى أذن الخليفة يحرسونها من أصوات الغربان والطيور! . وكان زىّ الأمراء من أهل البيت العباسى الأقبية السود، ويلبس القضاة الطيالسة


(١) رسوم دار الخلافة للصابى ص ١١ وما بعدها والنجوم الزاهرة ٣/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>