للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقلنسوات الضخمة (١). ويلبس الوزراء الأقبية السود وينتطقون بالسيوف وقد يلبسون دراعة وقميصا ومبطّنة وخفّا. (٢) وكان السواد هو اللباس الرسمى العام، وكانوا يلبسون فى أرجلهم الجوارب والأحذية السود المشدودة بالزنانير. وفى يوم الموكب كان يحضر حاجب الحجاب بأكمل لباسه من القباء الأسود والعمامة السوداء والسيف والمنطقة، وأمامه الحجاب ونوّابهم، ويجلس فى الدهليز من وراء الستر، ثم يحضر الوزير وقائد الجيش، ويتكامل الناس فيراسل حاجب الحجاب الخليفة، فإذا أذن الإذن العام دخل وحده حتى يقف فى الصحن ويقبل الأرض، ثم يؤذن له بتقديم الناس، فيخرج ويدعو ولىّ العهد إن وجد، وكذلك أولاد الخليفة، إن كان له أولاد، ثم يدخل الوزير، ويمشى الحجاب بين يديه إلى مقربة من العرش، فإذا قرب تأخروا عنه، وتقدم الوزير بعد تقبيل الأرض إلى أن يدنو من الخليفة فإن مدّ يده إليه أخذها وقبّلها وتراجع حتى يقف فى يمين العرش على بعد خمسة أذرع منه، ويدخل بعده قائد الجيش أو أميره فيقبل الأرض ويقف على يسار العرش، ثم يدخل أصحاب الدواوين والكتّاب، ثم القوّاد ونوّاب الحاجب على مراتبهم، ويقفون يمينا وشمالا على رسومهم، ثم ينادى على بنى هاشم والقضاة ومن يلبسون القلانس ويسلمون ويقفون منفردين، ثم يقع الإذن العام فيدخل الجند ويقفون صفّين. وكل ذلك تعقيد أدت إليه الحضارة والترف وأن الناس لا يشتركون فى الحكم ولا يشاطرون فيه. فتحول إلى رسوم وشكليات وآداب لا يعرفها العرب ولا يعرفها الإسلام. وكان للوزراء بالمثل مواكبهم، وكذلك كان للقواد، ويروى أن نازوك أحد قواد المقتدر كان يمشى فى موكبه بين يديه أكثر من خمسمائة فراش بالشموع الموكبية سوى حملة المشاعل (٣).

وكان يرافق هذه الأبّهة أبّهة فى المسكن والملبس والمطعم، فكانت الستور الجميلة تعلّق دائما على حيطان المسكن، وكانت تفرش أرض غرفه وممرّاته وصحونه بالبسط والسجاجيد، وتمتد فوقها المقاعد والوسائد والنمارق، وكانت القصور تكتظ بذلك اكتظاظا شديدا، ويصوّر ذلك من بعض الوجوه أن المتوكل حين غضب على عمر بن فرج الرّخّجىّ أحد كبار موظفى الدولة، وصادر أمواله،


(١) رسوم دار الخلافة ص ٩٠.
(٢) كتاب الوزراء للصابى ص ٣٢٥.
(٣) رسوم دار الخلافة ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>