للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حملت فرش وأمتعة من داره على خمسين بعيرا (١)، فما بالنا بما كان فى قصور الوزراء، فضلا عن الخلفاء، من فرش فخمة. وعلى نحو ما كانوا يهتمون بالفرش كانوا يهتمون بالثياب، حتى كانت صناعتها أهم الصناعات وأرقاها، وكان الصناع يتفنّنون فى صنعها من الخزّ والديباج والحرير. ويروى صاحب الديارات أن المتوكل جلس يوما فى أحد قصوره على عرش من الذهب وعليه ثياب وشى مشقلة، وأمر ألا يدخل عليه أحد إلا فى ثياب وشى مثله (٢)، وكان الخدم يقفون بين يديه وعليهم ثياب حمراء مورّدة (٣). ويقال إن المستعين هو الذى أحدث لبس الأكمام الواسعة فجعل عرضها ثلاثة أشبار، وصغّر القلانس وكانت طويلة كأقباع القضاة (٤).

وكان المعتضد يلبس الثياب الدبيقية الرفيعة التى كانت تصنع بمصر والثياب الحريرية التى كانت تصنع بمدينة تستر وغيرها من المدن الفارسية (٥). ويروى أن إسحق بن إبراهيم المصعبى حاكم بغداد لعهد المتوكل أهدى إلى عمرو بن بانة مغنى العصر عشرة أثواب خزّ أقلها قيمة بمائة دينار (٦)، وكان خليفته على بغداد محمد بن عبد الله بن طاهر يتأنّق فى ثيابه، وقيل إنه كان بينها ثوبان من الوشى قيمتهما ألف وخمسمائة دينار (٧)، ومرّ بنا أن الراسبى والى إيران كان له مصنع خاص تنسج فيه ثيابه وثياب حواشيه وأصحابه. وكان الشعراء مثلهم مثل المغنين يلبسون الخز والوشى والثياب الحريرية (٨). وكانوا يلبسون فى الشتاء الفراء والثياب الصوفية، واشتهر ثوب باسم الممطر كان يصنع من القماش المشمع للوقاية من المطر، ونرى البحترى يسأل إبراهيم بن الحسن بن سهل ثوبا منه (٩). ولبسوا الجوارب الصوفية والقطنية والحريرية والأحذية الحمراء (١٠). ويبدو أن الرجال كانوا يتنافسون فى اقتناء الحجارة الكريمة، إذ نرى نفرا منهم حين تصادر أمواله تصادر بينها جواهر ثمينة تبلغ قيمتها ألوف الدنانير (١١). وكانت خزائن الخلفاء تكتظ بالجواهر من كل صنف،


(١) طبرى ٩/ ١٦١.
(٢) الديارات ص ١٦١.
(٣) الديارات ص ٥٧.
(٤) مروج الذهب ٤/ ٩٤.
(٥) مروج الذهب ٤/ ١٦٨.
(٦) الديارات ص ٤٤.
(٧) الديارات ص ١٢٣.
(٨) البيان والتبيين ٣/ ١١٥.
(٩) ديوان البحترى (طبع دار المعارف) ٢/ ٨٩٢.
(١٠) تاريخ بغداد ١١/ ١٦٦ والأغانى ٦/ ٨٥.
(١١) طبرى ٩/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>