للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن بلبل وزير المعتمد وله ألّف مقالة فى الهندسة. (١) وكان كثير من الأطباء يكلفون المترجمين نقل كتب طبية أو كتب تتصل بالطب، يقول ابن أبى أصيبعة: «وكان مما نقلت له الكتب اليونانية وترجمت باسمه جماعة من أكابر الأطباء مثل يوحنا بن ماسويه وجبرائيل بن بختيشوع وابنه بختيشوع وداود بن سرابيون وسلمون بن بنان واليسع وإسرائيل بن زكريا بن الطيفورى وحبيش بن الحسن» (٢). وكانت هناك أسر وأفراد كثيرون يعدّون أنفسهم حماة للترجمة والمترجمين، وكانوا يتنافسون فى هذه الحماية مع أنفسهم ومع الخلفاء، ذكر منهم ابن أبى أصيبعة طائفة (٣)، منها على (٤) بن يحيى المنجم صاحب خزانة الحكمة التى سبق أن تحدثنا عنها، وأحمد بن المدبر. وممن نوّه بهم القدماء طويلا فى هذا الجانب بنو موسى (٥) بن شاكر وهم محمد والحسن وأحمد، وكان الأول والثانى يشغفان بالهندسة فى حين شغف الثالث بالحيل (الميكانيكا) وكان لهم مرصد أسسوه على دجلة، وكانوا يغدقون رواتب شهرية على جماعة من المترجمين بينهم حنين بن إسحق وحبيش ابن أخته وثابت بن قرة، ويقال إنها كانت تبلغ فى الشهر خمسمائة دينار (٦). وكل هذا الاهتمام بالترجمة والإنفاق عليها والتنافس فيها أحدث ازدهارا عظيما لها فى العصر العباسى الثانى فقد أكبّ المترجمون على المأثورات الإغريقية فى كل فروع العلم والفلسفة يترجمونها، وكادوا لا يبقون كتابا بدون ترجمة وبدون شرح أو تلخيص. ومن يرجع إلى ابن أبى أصيبعة والقفطى تهوله الكثرة الغامرة مما ترجموه، إذ يبلغ أحيانا عند المترجم الواحد مئات الكتب والرسائل، سوى ما ألّفوه وصنفوه.

وأهم المترجمين حينئذ وأشهرهم حنين (٧) بن إسحق المتوفى سنة ٢٦٤ وكان طبيبا


(١) ابن أبى أصيبعة ص ٣٠٠.
(٢) ابن أبى أصيبعة ص ٢٨٤.
(٣) ابن أبى أصيبعة ص ٢٨٣.
(٤) انظر أيضا تاريخ الحكماء للقفطى (طبعة ليبزج) ص ١٣٢.
(٥) راجع فى بنى موسى ابن أبى أصيبعة ص ٢٦٠ والفهرست ص ٣٩٢ والقفطى ص ٣١٥، ٤٤١ والعلم عند العرب لألدومييلى (نشر الجامعة العربية) ص ١٣٩.
(٦) ابن أبى أصبيعة ص ٢٦٠ وانظر ترجمة الرازى ص ٤١٤ وكثرة من ألف الكتب بأسمائهم وأهداها إليهم.
(٧) انظره فى الفهرست ص ١٢٣ والقفطى ص ١٧١ وابن أبى أصيبعة ص ٢٥٧ وألدومييلى ص ١٣٢، ١٣٩ وتاريخ الفلسفة فى الإسلام لدى بور (طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر-الطبعة الرابعة) ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>