قبيلة كندة، ولذلك لقب فيلسوف العرب، نشأ بالبصرة ثم تركها إلى بغداد ويبدو أنه أكبّ فى نشأته على الاعتزال، ولعل ذلك ما جعل نجمه يأفل فيما بعد حين أفل نجم المعتزلة لعهد المتوكل. ولا تعرف سنة وفاته ويبدو أنه عاش حتى أواخر العقد السادس من القرن الثالث. وله كتب ورسائل تعد بالعشرات بل بالمئات، وهى تبلغ عند ابن النديم نحو مائتين وأربعين وعند القفطى نحو مائتين وثلاثين وعند ابن أبي أصيبعة نحو مائتين وثمانين، وتتناول العلوم الرياضية والهندسية والفلكية والجغرافية والطبيعية والمنطق والأخلاق والسياسة والكلام والجدل والطب. وقد ترجم كثير منها إلى اللاتينية وأثّر فى شعوبها تأثيرا عميقا، ويقول ألدومييلى إن كتابه فى الهندسة أثّر تأثيرا ملحوظا فى روجر بيكون. وقد يفهم من بعض ما كتبه ابن أبى أصيبعة وغيره عنه أنه كان يترجم عن اليونانية والسريانية ويرى الباحثون أنه لم يكن يعرفهما، إنما كان يصلح ويصحح بعض ما ترجم عنهما، وله تهذيبات لكثير مما ترجم، وله أيضا شروح وتعليقات. ويذكر ابن النديم وغيره أن له كتبا فى التوحيد والعدل والاستطاعة أو حرية الإرادة، مما قد يدل على اتجاهه الاعتزالى، ومما يدل بقوة على هذا الاتجاه عنده إشادته بالعقل. وهو فيلسوف إسلامى بالمعنى إذ له رسائل فى إثبات النبوة والدفاع عنها دفاعا قويّا، وكان يذهب إلى ان العالم محدث مخالفا بذلك أرسطو فى زعمه أنه قديم، وذهب إلى أن النفس بسيطة وأنها من نور الله، وعنها صدر عالم الأفلاك، والنفس الإنسانية تفيض عن هذه النفس الكلية، وهى تتصل بالجسد، ولكنها تظل فى جوهرها مستقلة عنه، حتى إذا فارقته التذت لذة كبيرة، وقال إن الكواكب لا تؤثر فيها، لأنها إنما تؤثر فى الأمور الطبيعية. وله بحوث فلسفية فى الرياضة، ولكنها دون بحوثه الطبيعية وفيما وراء الطبيعة. وربما كانت أهم نظرية فلسفية له طبع بها الفلسفة الإسلامية هى نظريته فى أن العقل مصدر المعارف وتقسيمه له إلى عقل فاعل هو الله، وعقل
= ١٩٣٣ ودى بور ص ٦٧٦ وألدومييلى ص ١٤٩، ١٥٣ ومقدمة الدكتور محمد عبد الهادى أبى ريدة لرسائل الكندى الفلسفية) طبع مطبعة الاعتماد بالقاهرة، وكذلك مقدمة الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى لمجموعة أخرى من رسائله، وكتاب دور العرب فى تكوين الفكر الأوربى لعبد الرحمن بدوى (طبع دار الآداب ببيروت).