للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث وضع بعض المصطلحات الجديدة، ومن حيث تلقيب بعض العوامل والمعمولات، وعنى الفرّاء خاصة بإنكار بعض القراءات الشاذة.

وعلى هذه الشاكلة لا ينتهى العصر العباسى الأول، حتى تكون المدرستان البصرية والكوفية تميّزتا تميزا تامّا، وكان أهم الأئمة البصريين فى هذا العصر المازنى والمبرد، أما المازنى فهو بكر (١) بن محمد الملقب بأبى عثمان المتوفّى كما مر آنفا سنة ٢٤٩ وهو تلميذ الأخفش الأوسط، وكان لسنا قوى الحجة، وله مناظرات مأثورة مع ابن السكيت وغيره من الكوفيين أفحمهم فيها بأدلته القاطعة، وعاش يدرس لطلابه وتلاميذه كتاب سيبويه، وله حوله تعليقات وشروح عدة، منها تفاسير كتاب سيبويه والديباج فى جوامعه، وصنف فى علل النحو كتابا، وعنى بالتصريف عناية واسعة جعلته يخصه بكتاب التصريف، ولابن جنى عليه شرح مبسوط سماه «المنصف». وفى كتاب «المدارس النحوية» طائفة من آرائه فى النحو احتفظ بها النحاة فى مصنفاتهم، وهو أول من أعطى علم التصريف صيغته النهائية فى كتابه السالف ذكره، ويقول فى مطالعه بعد ذكره أمثلة الأسماء والأفعال المجردة والمزيدة: «إنما كتبت لك فى صدر هذا الكتاب هذه الأمثلة (الأبنية) لتعلم كيف مذاهب العرب فيما بنت من الأسماء والأفعال، فإذا سئلت عن مسألة فانظر هل بنت العرب على مثالها، فإن كانت بنت فابن مثل ما بنت. . .

وسأصنع لك من كل شئ من هذا الباب رسما تقيس عليه ما كان مثله (٢)». وهو يعدّ أول من فتح بقوة باب التمارين غير العملية فى الصرف، إذ نراه يبنى من ضرب على مثال جعفر أو على مثال سفرجل وما إلى ذلك من أبنية غير مستعملة فى اللغة (٣). وكان يتشدد فى الأخذ بالقياس، مما جعله يردّ-على هدى الفرّاء- بعض القراءات التى تشذ على قواعد النحو ومقاييسه (٤). وأنبه تلاميذه المبرد محمد (٥) ابن يزيد الأزدى إمام نحاة البصرة لزمنه المتوفى سنة ٢٨٥ وهو آخر أئمتهم المهمين،


(١) انظر فى ترجمة المازنى تاريخ بغداد ٧/ ٩٣، وإنباه الرواة ١/ ٢٤٦ ومعجم الأدباء ٧/ ١٠٧.
(٢) راجع المنصف على التصريف ١/ ٩٥.
(٣) انظر المنصف ١/ ١٧٣ وما بعدها.
(٤) المدارس النحوية (طبع دار المعارف) ص ١١٩.
(٥) راجع فى ترجمة المبرد تاريخ بغداد ٣/ ٣٨٠ وإنباه الرواة ٣/ ٢٤١ ومعجم الأدباء ١٩/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>