للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مترجموه له مصنفات كثيرة فى النحو واللغة والقراءات والأمثال والمنتخبات الشعرية والنثرية، وقد وصلنا منها «الفصيح» الذى عرض له فى غير هذا الموضع والذى ابتغى به تقويم ألسنة المبتدئين. وطبع له كتابه «المجالس» وهو إملاءات لمختارات شعرية ونثرية تكتظ بالنحو والأشعار الغريبة والشاذة والقراءات والأمثال والأخبار والأقوال المنثورة. وصنع طائفة كبيرة من الدواوين القديمة. ومن يرجع إلى كتابه المجالس وما تناثر فى كتب النحاة له من آراء يجده يطبق تطبيقا دقيقا آراء أستاذه الفراء وأستاذيهما جميعا الكسائى وكل ما أصّلاه لمدرستهما الكوفية من أصول فى النحو ومن مصطلحات وألقاب جديدة وما كانا يأخذان به أنفسهما من التوسع فى الرواية عن العرب والاعتداد بالشواذ اللغوية. وله كتاب مطبوع يسمى قواعد الشعر، وسنتعرض له فى حديثنا عن البلاغة والنقد. وله-مثل المبرد منافسه- تلاميذ كثيرون، لعل أهمهم أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى المتوفى-كما مر بنا- سنة ٣٢٨، وتضاف إليه مصنفات كثيرة فى غريب الحديث وعلوم القرآن وفى اللغة وكتابه الأضداد فيها مطبوع وأيضا فى النحو. وعنى مثل أستاذه بإخراج الدواوين الشعرية القديمة، وسبق أن تحدثنا عن شرحه للمفضليات، وهو ملئ بمعارفه الواسعة فى اللغة والأشعار والأخبار. وكان-فيما يظهر-مثقفا ثقافة منطقية، فدعم النحو الكوفى بكثير من العلل السديدة.

وتنشأ بأخرة من العصر المدرسة البغدادية متميزة بمنهجها القائم على الانتخاب من آراء المدرستين البصرية والكوفية مع النفوذ إلى كثير من الآراء المبتكرة، وقد تداولها جيلان: جيل مبكر كانت تغلب عليه النزعة الكوفية من أمثال ابن كيسان، وجيل تال كانت تغلب عليه النزعة البصرية من أمثال الزجاجى. ولكى تتضح المدرسة وهاتان النزعتان نقف قليلا عند ابن كيسان والزجاجى. أما ابن كيسان (١) فهو أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان المتوفى سنة ٢٩٩ وهو تلميذ ثعلب والمبرد؛ وأهلّه ذلك لكى ينتخب من آرائهما آراءه النحوية، ولم يكتف بذلك فقد حاول النفوذ إلى بعض الآراء الجديدة، وكان فى أول أمره كوفيّا، فعنى ببسط


(١) انظر فى ابن كيسان تاريخ بغداد ١/ ٣٣٥ وإنباه الرواة ٣/ ٥٧ ومعجم الأدباء ١٧/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>