عن التابعين والصحابة فى تفسير الآى القرآنية. وكان الصحابة يحملون كل ما ذكره الرسول من تفسير لبعض آياته وبعض كلماته. وتفسير الطبرى من هذه الناحية يمكن أن يستخلص منه تفسير الرسول عليه السلام، وكذلك من عرفوا بكثرة التفسير من الصحابة والتابعين مثل ابن عباس وابن مسعود وتلاميذهما من مثل مجاهد وعكرمة. ومما يلاحظ عنده أنه لم يتوسع فى حمل الإسرائيليات، إذ كان يرى أنه لا غناء فيها وخاصة فى التفاصيل التى لا يضر الجهل بها، كمسألة المائدة التى أنزلت على عيسى فى سورة المائدة فى الآيات ١١٢ إلى ١١٥ فإنه وجد عند أصحاب الإسرائيليات من يتحدثون عما كان عليها من طعام هل كان سمكا أو خبزا أو ثمرا من ثمار أهل الحنة فقال إن العلم بذلك غير نافع، وبالمثل الآية رقم ٢٠ من سورة يوسف إذ باعه إخوته {(بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ)} فقد وجدهم يتساءلون عن عدد الدراهم. هل كانت عشرين أو اثنين وعشرين أو أربعين، فأضرب عن ذلك قائلا إنه «ليس فى العلم بمبلغ ذلك فائدة تقع فى دين. . . والإيمان بظاهر التنزيل فرض وما عداه فموضوع عنا تكلف علمه». ودائما يذكر مع كل آية القراءات المختلفة فيها، ويعرض لمعنى الكلمات من الوجهة اللغوية ويستشهد عليه بالأشعار الجاهلية والإسلامية، وكثيرا ما يفضّل شرح معنى للفظ على شرح معنى آخر. وكان يأخذ بفكرة حرية الإرادة التى أخذ بها المعتزلة، ولكنه لم يتعصب لهم، بل جادلهم فى بعض آرائهم وردّها عليهم من مثل رأيهم فى الرؤية البصرية لله وتأويلهم لها ويعلن مرارا أنه يقف مع السلف كما فى الآية رقم ٧٤ من سورة البقرة وأنه يحسن أن يراعى المفسر المعنى الظاهر للفظ بدون تأويل، والأساس الذى لا محيد عنه هو عرض أقوال الصحابة والتابعين وعلماء الأمة لتبين معانى التنزيل الصحيحة الدقيقة.
ومنذ القرن الثانى يرجع المعتزلة إلى القرآن مفسرين مستشهدين ومتمثلين، محتكمين إلى عقولهم، ومحاولين أن يطابقوا بينه وبين آرائهم، وأداهم ذلك إلى أن يحملوا منذ أول الأمر على أصحاب التفسير بالمأثور الذين كانوا يقفون أحيانا مع ظاهر الآيات. وكانوا أحيانا لا يحكّمون عقولهم فيما يسمعون، فيروون غرائب لا يصدقها العقل السليم، وفى الجزء الرابع من كتاب الحيوان للجاحظ حملات شعواء للنظام