للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقسم رواه الضعفاء والمتروكون، ويقول إنه إذا فرغ من رواية القسم الأول أتبعه القسم الثانى، أما القسم الثالث فإنه يهمله ولا يعرّج عليه. وتصريحه بأنه يروى من القسم الثانى جعل المحدثين من قديم يضعون صحيحه فى منزلة دون منزلة صحيح البخارى، بل إن منهم من حمل عليه مثل أبى زرعة (١) الرازى. على أن هناك من قدم على صحيح البخارى (٢) لأنه أدق منه تأليفا، وساد ذلك خاصة بين حفاظ المغرب فكانت كثرتهم تفضله على صحيح البخارى. والحق أنه لا يفضله من وجهة التوثيق الخالصة، لسببب مهم، وهو أن البخارى اشترط فى الرواة الملازمة فى السفر والحضر لمن يروون عنهم، فى حين تخفف من ذلك مسلم، فاكتفى بالمشافهة والمعاصرة ولم يطلب الملازمة. ومما لا ريب فيه أن صحيح مسلم مع ذلك يعدّ فى الذروة من التوثيق، إذ كان دقيقا غاية الدقة، حتى إنه ليذكر الفروق بين روايات الحديث، ولو كانت حرفا، وكان على علم لا يبارى فى معرفة رجال الحديث الموثّقين والمتهمين. وذكروا أن عدد أحاديثه نحو ٧٢٧٠ حديثا. وهو مع صحيح البخارى أعلى كتب الحديث منزلة وأوفرها حظّا من الصحة والتوثيق ويليهما الكتب الأربعة التى سميناها آنفا والتى يطلق عليها معهما اسم كتب الصحاح الستة، وهى سنن أبى عبد الله محمد بن يوسف بن ماجه (٣) القزوينى وقد اشتهر برحلاته الكثيرة فى ديار الإسلام، وتعدّ هذه السنن أضعف كتب الصحاح الستة لأن ابن ماجه ضمنها كثيرا من الأحاديث الضعيفة، ويقال إنها لم توضع فى سلك الكتب الستة إلا منذ المائة السادسة للهجرة، والكتاب الثانى سنن أبى داود سليمان (٤) بن الجارود بن الأشعث الأزدى السجستانى، ولم يسلك فيها غير أحاديث الفقه والتشريع، ولعله لذلك حظى بتقدير رفيع بين المحدثين. وثالث الكتب الجامع لأبى عيسى محمد (٥) ابن عيسى بن سهل الترمذى وقد عنى فيه بأحاديث الأحكام وذكر معها من احتج بها من أهل المذاهب. ولذلك كان الكتاب يفيد فائدة جلّى من يعنون


(١) تاريخ بغداد ٤/ ٢٧٤
(٢) طبقات الشافعية ٣/ ٢٧٦.
(٣) تذكرة الحفاظ للذهبى ٢/ ٢٠٩
(٤) انظر فى ترجمة أبى داود تاريخ بغداد ٩/ ٥٥ وتذكرة الحفاظ ٢/ ١٦٧ ومرآة الجنان لليافعى ٢/ ١٨٩ وطبقات الشافعية ٢/ ٢٩٣.
(٥) انظر تذكرة الحفاظ /١٨٧٢/ والتهذيب لابن حجر ٩/ ٣٨٧ وميزان الاعتدال /١١٧٣/ والأنساب للسمعانى الورقة ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>