للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدراسة الخلاف بين الفقهاء. ورابع الكتب سنن أبى عبد الرحمن أحمد (١) بن شعيب ابن على النّسائى، وقد عنى فيه بصيغ ونصوص فى المعاملات، كما عنى برواية أحاديث الاستعاذات والأدعية التى تقال فى الصلاة. وبجانب هذه الصحاح الستة ألفت كتب أحاديث مختلفة فى العصر، كما ألفت كتب مختلفة فى الرجال أى رواة الحديث، من أهمها تاريخ البخارى الذى أشرنا إليه، ويلحقه فى الأهمية كتاب التاريخ الكبير لأبى بكر أحمد ابن أبى خيثمة زهير بن حرب تلميذ ابن حنبل المتوفى سنة ٢٧٩ وفيه تحدث عن تعديل الرواة وتجريحهم. وعنيت البيئات الشيعية بأن يكون لها حظ فى الاهتمام بالحديث، ومن أهم الكتب التى صنفتها كتاب جامع لأحاديث الإمامين: جعفر الصادق وموسى الكاظم، جمعه أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميرى القمى فى أواخر القرن الثالث الهجرى.

وواضح من ذلك كله مدى النشاط الذى نهض به المحدثون فى تأليف كتب الحديث لهذا العصر، ويكفى أنه ألفت فيه كتب الصحاح الستة التى شغلت المحدثين بالتعليق والشرح والتفسير طوال العصور الماضية.

وكان هذا العصر متمما للعصر العباسى الأول فى نشاط الدراسات الفقهية والتشريعية، وقد رأينا هناك كيف أن المذاهب الفقهية الأربعة تكونت نهائيا، وظل الاجتهاد نشيطا، فالفقهاء يجتهدون ويتناظرون ويختلفون ويكثرون من التآليف والمصنفات، وتظهر مذاهب ثانوية لا يكتب لها البقاء، سوى مذهب داود الظاهرى، ولكن ظهورها يحمل الدلالة الواضحة على حرية الاجتهاد الفقهى حينئذ وأن أبوابه كانت مفتوحة على مصاريعها. وكان طبيعيا أن يصبح لكل مذهب مجموعة كبيرة من أساتذته وشيوخه يذيعونه فى العالم الإسلامى، ومن أهمهم فى المذهب الحنفى أبو بكر أحمد (٢) بن عمر الشيبانى الخصاف المتوفى سنة ٢٦١ وله كتاب أحكام الوقف وهو منشور بالقاهرة وكتاب الحيل والمخارج فى الفقه، وهو منشور فى هانوفر والقاهرة. ولا يقل عنه أهمية فى هذا المذهب أبو جعفر


(١) انظره فى تذكرة الحفاظ ٢/ ٢٧٦ والتهذيب لابن حجر ١/ ٣٦ ومرآة الجنان اليافعى ٢/ ٢٤٠ وشذرات الذهب ٢/ ٢٣٩ والسبكى ٣/ ١٤.
(٢) انظر فى الخصاف الجواهر المضية لابن أبى الوفاء ١/ ٨٧ والفوائد البهية للكنوى ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>