بالإذعان خوفا من بطشه وانتقامه، وهرب اللصوص. وقبض الجند على أصحاب النهب والسلب وكبلوهم بالأصفاد والأغلال. وبعث برسله إلى ابن عيسى بن الشيخ ينذره ويتوعده، فاستسلم خائفا وأدّى أموالا جليلة، واستنزل حمدان من حصنه فى ماردين. وأسرهرون صاحب الشراة الخوارج، ويطيل فى ذمه وذم عقيدته وأنصاره، كما يطيل فى ثورة رافع بن هرثمة بخراسان وما كان من القضاء عليها وصلبه ببغداد. وكان المعتضد قد أخر المطالبة بالخراج من شهر آذار إلى الحادى عشر من حزيران حتى يتم الحصاد، وكان ذلك صنعا جميلا بالزراع والناس، فأشاد ابن المعتز بهذه المكرمة وصوّر فى ثنايا ذلك صفوف التعذيب التى كانت تصبّ على الناس صبّا لاستخراج أموال الخراج منهم بالعنف.
وقد عرضنا لذلك فى حديثنا عن الحياة السياسية، إذ كانوا لا يزالون يرهقونهم وينكلون بهم حتى لا تبقى فيهم قدرة على المقاومة، وحتى يتنازلوا عن كل ما يملكون جملة.
ويتحدث عن أبنية المعتضد الشامخة وخاصة قصره الرباب وبركته الكبيرة، وهو أحد قصوره المعروفة باسم الثريا. ويعود إلى حديثه عن إخماد المعتضد للثورات وينوه بموظفيه وعلى رأسهم القاسم بن عبيد الله وزيره، ويصور كيف فتك بعض قواده بصالح بن مدرك الذى كان يعيث فى الأرض فسادا قاطعا الطريق على الحجاج سافكا للدماء ومنتهكا للحرمات وناهبا للأموال، كما يصور قضاء إسماعيل بن أحمد السامانى والى خراسان على عمرو بن الليث الصفار الذى طالما تمادى فى غيه بفارس، فعادت مذعنة إلى الطاعة. ومثلها طبرستان وقضاء السامانيين فيها على محمد بن زيد العلوى. وكذلك قضاؤه على وصيف الخادم حين نقض الطاعة فى الثغور. ويتحدث ابن المعتز عن القرامطة وتمزيق قواد المعتضد لهم ولجنودهم فى عهده، ويذكر وصول وفد الروم يحملون كتاب إمبراطورهم صاغرين طالبين الهدنة والفداء. ويعود إلى القرامطة، ويفيض فى ذم الكوفة مستقر الفرق الشيعية الغالية التى نبتت منها-فى رأيه-فرقة القرامطة، وفيها يقول: