للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هى التى فتحت له سريعا تلك الأبواب، وإذا هو يمثل بين أيديهم جميعا مادحا ممجدا.

ويتولى الخلافة المتوكل سنة ٢٣٢ للهجرة ويعصف بابن الزيات ويظل البحترى بعيدا خوفا على نفسه، وخاصة أنه كانت قد جرت على لسانه بعض أبيات يتعصب فيها للمعتزلة وقولهم بأن القرآن مخلوق ضد أهل السنة من مثل قوله فى بعض الخارجين على أبى سعيد الثغرى:

يرمون خالقهم بأقبح فعلهم ... ويحرّفون كلامه المخلوقا

وسأله سائل: أكنت معتزليّا، فأجابه: «كان هذا دينى فى أيام الواثق ثم نزعت عنه فى أيام المتوكل، فقال له: يا أبا عبادة! هذا دين سوء يدور مع الدول! » (١). فقد نزع عن نفسه لعهد المتوكل ثوب الاعتزال الذى كان يدين به الواثق ووزيره ابن الزيات، ولبس ثوب أهل السنة الذى فرضه المتوكل. وهو جانب سيئ فى البحترى إذ كان متقلبا مسرفا فى التقلب، يلتمس المنفعة لنفسه ما وجد إلى ذلك سبيلا. على كل حال أحسّ بادئ الأمر أن أبواب المتوكل موصدة من دونه، ولكن ذلك لم يدفعه عن طريقه، فقد أخذ يمدح بعض خاصّته وخاصّة وزيره الفتح بن خاقان وهو يحيى بن على المنجم، الذى اشتهر بوصله الشعراء بهما وأخذه لهم الصلات السنية منهما، ووعده علىّ أن يصله بالفتح، ونراه يستنجز وعده فى بعض شعره (٢)، وينجح على فى وصله بالفتح لسنة ٢٣٣ ويمدحه (٣) وينال جوائزه، ولكن عينه لا تزال طامحة إلى مديح المتوكل، ويلوّح للفتح بطموحه ويعده الفتح ويتعجله أن يفى بوعده فى غير قصيدة من مثل قوله (٤):

وعدت فأوشك نجح وعدك إنه ... من المجد إعجال المواعيد بالنّجح

وأنت ترى نصح الإمام فريضة ... وإخباره عنى سبيل من النّصح


(١) أخبار البحترى للصولى ص ١٢٣.
(٢) الديوان ٢/ ١١٣٢.
(٣) فى أخبار البحترى للصولى ص ٨٣ لن أول قصيدة مدح بها البحترى الفتح بن خاقان لسنة ٢٣٣ هى: هب الدار ردت رجع ما أنت قائله وأبدى الجواب الربع عما تسائله انظر الديوان ٣/ ١٦١٠.
(٤) الديوان ١/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>