للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفتح له المتوكل بيد الفتح أبوابه، ويستمع إليه وتتواتر صلاته وإقطاعاته عليه، وكذلك إقطاعات الفتح وصلاته، فقد كان ديوان الخراج إليه. ونراه يمدح الوزير الثانى للمتوكل عبيد الله بن يحيى بن خاقان، ولم يكد يترك أحدا من معاونى الفتح ومساعديه إلا مدحه، فهو يمدح أبا نوح عيسى بن إبراهيم أحد كتّابه فى دواوين الخراج وكان نصرانيّا، وكأن نصرانيته لم تمنعه من مديحه، وسنراه فيما بعد يكثر من مديح عبدون بن مخلد الراهب أخى صاعد وزير المعتمد. ويمدح أيضا من كتاب الخراج والدواوين أعوان الفتح من أمثال أحمد بن المدبر وأخيه إبراهيم، ويظل يمدحهما طويلا، حتى بعد خروج أحمد للعمل فى دواوين مصر والشام.

وكان قد ترك زوجته فى منبج وأنجب منها ابنه أبا الغوث فكان كثير الرحلة إلى مسقط رأسه، ويبدو أنه كان يقضى فى وطنه الصيف كله فرارا من حر العراق ولفحه، يقول (١):

نصبّ إلى طيب العراق وحسنها ... ويمنع منها قيظها وحرورها

هى الأرض نهواها إذا طاب فصلها ... ونهرب منها حين يحمى هجيرها

وكان لا يترك وجيها ولا وليّا ولا صاحب خراج فى طريقه من سامرّاء إلى منبج إلا ويقدّم إليه مدائحه ويأخذ جوائزه، من مثل بنى حميد الطوس الطائى وأبى سعيد الثغرى وابنه يوسف صاحبى أرمينية وأذربيجان وآل عبد الملك بن صالح الهاشمى، بل يبدو أنه كان يمد رحلاته فى الشام فيمدح بعض العمال والولاة مثل مالك بن طوق صاحب دمشق والأردن وأبى مسلم الكجّى، كما كان يمد رحلاته إلى بغداد وما وراءها من مدن العراق، ونراه يكثر من مديح القائمين عليها من آل طاهر. فهو يمدح منهم إسحق المصعبى ومحمد بن عبد الله بن طاهر الذى حكم بغداد منذ سنة ٢٣٧، وكذلك أخواه سليمان وعبيد الله، وله فى الأسرة شعر كثير.

وممن أكثر من مديحهم لعهد المتوكل قائداه عبد الله بن دينار وابنه أحمد، وإبراهيم ابن الحسن بن سهل وله فيه نحو عشر قصائد، وله فى الفتح بن خاقان تسع


(١) الديوان ٢/ ٩٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>