للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخذلان من شانه أن يصرف الناس عن الإقدام فى الحروب، ويسخر منه فى مقطوعات مختلفة من مثل قوله (١):

هو الأسد الورد فى قصره ... ولكنه ثعلب المعركه

ويحدث أن يجمع الأتراك أمرهم ويصمموا على خلع المعتز، لإقدامه على قتل بعض رؤسائهم، ويرسلوا إلى سليمان بن عبيد الله بن طاهر حاكم بغداد أن يبعث إليهم بمحمد بن الواثق ليبايعوه بالخلافة، ويبعث به، وكأنما يجد ابن الرومى فى فى ذلك نكثا من سليمان لبيعته للمعتز، فيصليه بقطعة من هجائه قائلا (٢):

جاء سليمان بنى طاهر ... فاجتاح معتزّ بنى المعتصم

كأن بغداد لدن أبصرت ... طلعته نائحة تلتدم

مستقبل منه ومستدبر ... وجه بخيل وقفا منهزم

ونتطور الظروف، ويجيب المعتز قواد الأتراك إلى الخلع، ويحبس ويقتل فى محبسه بعد خلعه بستة أيام، وحينئذ نرى ابن الرومى يغيّر موقفه من المعتز فيحذّره حين حبس من أن يعاوده التفكير فى الخلافة، وينظم فى ذلك قصيدة بائية يقول فيها (٣):

دع الخلافة يا معتزّ من كثب ... فليس يكسوك منها الله ما سلبا

ويتغيّر تبعا لذلك موقف ابن الرومى من سليمان بن عبد الله بن طاهر، ويهديه بعض مدائحه، ويمنحه سليمان بعض الجوائز، ثم يحدث أن جارا ماكرا له من تجار بغداد كان يعرف باسم ابن أبى كامل تطمح نفسه إلى شراء داره، ويحاول أن يجبره على بيعها باغتصابه لبعض جدرانها وإفساد بعض جوانبها، ويستعدى عليه سليمان (٤) بن عبد الله بكافية طريفة سبق أن أنشدنا منها فى الفصل الماضى تعليله المشهور فيها لمحبة الأوطان، وهو يدور على كل لسان، وفيها يقول مصرّا على أنه لن يبيع داره:

ولى وطن آليت أن لا أبيعه ... وأن لا يرى غيرى له الدهر مالكا


(١) الديوان ص ٣٤١.
(٢) الديوان ص ٢٨.
(٣) الديوان ص ٤٥١.
(٤) انظر زهر الآداب ٣/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>