للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبنائها وكثرة ما ترجموا من الفارسية إلى العربية، وأهمّ شخص يكثر من مدحه بينهم أبو سهل إسماعيل بن على، وكان من رءوس الشيعة، ويقال إنه مؤسس الفرقة الإثنى عشرية، وفى صلته به ما يؤكد تشيعه وأن من الممكن أن يكون على مثاله إماميّا يعتنق مذهب الاثنى عشرية. ومن الأسر التى أكثر من مدحها أسرة بنى حماد قضاة بغداد، خاصة منهم القاضى إسماعيل بن حماد المتوفى سنة ٢٨٢ ونراه يمدحه فى قصيدة بائية محاولا أن يبرئ نفسه من تهمته بالزندقة التى نقلت إليه، ويستشهد على صحة براءته بابنين عدلين للقاضى يعرفان حقيقة أمره، ويستحثه على التنكيل بوشاة السوء الذين دبّروا اتهامه بهذه التهمة النكراء، ويقول إنهم هم الذين دبّروا الثورة عليك وجعلوا العامة ترمى دارك بالحصى والحجارة، يقول (١):

حملوا حملة على الدين تحكى ... حملة الروم رافعين الصّليبا

وأرادوا بك العظيمة لكن ... أوسع الله سعيهم تخييبا

وكأن الغوغاء لما تغاووا ... فرموا داركم قضوا تحصيبا (٢)

زعموا أن ذاك غزو وحجّ ... تبّب الله أمرهم تتبيبا

ولم ترو كتب التاريخ هذه الفتنة أو الثورة ضد القاضى، ولعل فى ذلك ما يدل على أن الشعر فى هذا العصر يقدم إلى المؤرخين وثائق تاريخية قد لا يجدونها فى كتب التاريخ المعروفة، على نحو ما مرّ بنا عند البحترى وتسجيله لمعركة ابن دينار البحرية ضد الأسطول البيزنطى وحرقه، فإن كتب التاريخ لم تشر إلى ذلك بحرف.

وتتردد فى الديوان أسماء أصدقاء كثيرين فى مقدمتهم أبو عثمان الناجم راويته، وقد حضر موته، وابن المسيب الكاتب وأحمد بن عبيد الله وأحمد بن بشر المرثدى وكان كاتبا فى ديوان الموفق وابن عمار (٣)، وكان شاعرا ومن نقدة الشعر فى عصره.

وأكثر قصائده التى وجه بها إلى المرثدى يطلب إليه فيها بعض السمك، ويقال إنه كان قد وعده أن يبعث إليه كل يوم بوظيفة منه لا يقطعها، فبعث إليه يوم سبت


(١) الديوان ص ٣٠٩.
(٢) التحصيب هنا: رمى الجمار بمنى.
(٣) انظر توصيته لأبى سهل بن نوبخت به فى الديوان ص ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>